مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٨
نجز في المرض. واعلم أن قيمة ما يفوت على الورثة يعتبر بوقت التفويت في المنجز وبوقت الموت في المضاف إليه، فقد صرحوا في باب العتق أنه يعتبر لمعرفة الثلث فيمن أعتقه منجزا في المرض قيمة يوم الاعتاق، وفيمن أوصى بعتقه قيمة يوم الموت لأنه وقت الاستحقاق، وفيما بقي للورثة بأقل قيمة من يوم الموت إلى يوم القبض، لأنه إن كان يوم الموت أقل فالزيادة حصلت في ملك الوارث أو يوم القبض أقل، فما نقص قبله لم يدخل في يده فلا يحسب عليه، ومثل ذلك جار في غير العتق. ولو أوصى بتأجيل الحال اعتبر من الثلث، وللروياني احتمال أنه لا يعتبر إلا التفاوت، قال الزركشي:
وهو قوي. (وإذا اجتمع) في وصية (تبرعات متعلقة بالموت) وإن كانت مرتبة، (وعجز الثلث) عنها: أي لم يوف بها، (فإن تمحض العتق) كأن قال: إذا مت فأنتم أحرار أو غانم وسالم وبكر أحرار، (أقرع) بينهم، فمن قرع عتق منه ما يكفي الثلث، وسيأتي كيفية القرعة في بابي القسمة والعتق إن شاء الله تعالى. ولا يعتق من كل بعضه، لأن المقصود من العتق تخليص الشخص من الرق ولا يحصل مع التشقيص، وإنما لم يعتبر ترتبها مع إضافتها للموت لاشتراكها في وقت نفاذها، وهو وقت الموت، بل لا يقدم العتق المعلق بالموت على الموصى باعتاقه وإن كان الثاني يحتاج إلى إنشاء عتقه بعد الموت، بخلاف الأول لأن وقت استحقاقهما واحد. نعم إن اعتبر الموصى وقوعها مرتبة، كأن قال: إعتقوا سالما بعد موتى ثم غانما ثم بكرا قدم ما قدمه جزما. فإن قيل لو قال: إذا مت فسالم حر ثم غانم ثم نافع لم يقدم الأول، بل هم سواء كما أفهمه كلام المصنف. أجيب بأن التبرعات فيما مثلوا به اعتبر الموصي وقوعها مرتبة من غيره، فلا بد أن يقع على وفق اعتباره بخلاف هذا، ولو دبر عبدا عند موته وأوصى بإعتاق آخر لم يقدم أحدهما. (أو) تمحض تبرعات (غيره قسط الثلث) على الجميع باعتبار القيمة أو المقدار كما تقسم التركة بين أرباب الديون، فلو أوصى لزيد بمائة ولبكر بخمسين ولعمر بخمسين وثلث ماله مائة أعطي الأول خمسين وكل من الآخرين خمسة وعشرين، ولا يقدم بعضها على بعض بالسبق لأن الوصايا إنما تملك بالموت، فاستوى فيها حكم المتقدم والمتأخر، وقاسه الشافعي رضي الله تعالى عنه على العول في الفرائض. هذا عند الاطلاق، فلو رتب كأن قال: أعطوا زيدا مائة ثم عمرا مائة جرى عليه حكم ترتيبه. (أو هو) أي اجتمع عتق (وغيره) كأن أوصى بعتق سالم ولزيد بمائة، (قسط) الثلث عليهما (بالقيمة) للعتيق لاتحاد وقت الاستحقاق، فإذا كانت قيمته مائة والثلث مائة عتق نصفه ولزيد خمسون.
(وفي قول يقدم العتق) لقوته لتعلق حق الله تعالى وحق الآدمي.
تنبيه: يستثنى من كلامه مسألة، وهي ما لو دبر عبده وقيمته مائة وأوصى له بمائة وثلث ماله مائة فإنه يعتق كله ولا شئ للوصية على الأصح. وقيل: يقسط، وصححه البغوي فإن اعتبر الموصى وقوع التبرعات مرتبة بعد الموت، كأن قال: أعتقوا بكرا ثم أعطوا زيدا مائة قدم الأول فالأول كما مرت الإشارة إليه، ولو قال لعبده: أنت حر قبل موتي بشهر مثلا ثم مرض شهرا فأكثر ومات، فحكمه كما لو علقه في الصحة، فوجدت الصفة في المرض كما قالاه هنا. (أو) اجتمع تبرعات (منجزة) كأن أعتق ووقف وتصدق، (قدم الأول) منها (فالأول حتى يتم الثلث) لقوته ونفوذه، لأنه لا يفتقر إلى إجازة، وسواء كان فيها عتق أم لا اتحد جنسها أم لا يتوقف ما بقي منها على إجازة الوارث. (فإن وجدت) هذه التبرعات (دفعة) بضم الدال: إما منه، أو بوكالة، (واتحد الجنس) فيها (كعتق عبيد أو إبراء جمع) كقوله: أعتقكتم أو أبرأتكم، (أقرع في العتق) خاصة، حذرا من التشقيص في الجميع، لخبر مسلم: إن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته ولم يكن له مال غيرهم، فدعاهم رسول الله (ص) فجزأهم أثلاثا وأقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة. قال الإمام: ولولا الحديث لكان القياس أن يعتق من كل عبد مقدار ما يخصه من الثلث. ولكن الشافعي تركه للحديث، لأن القصد من الاعتاق تخليص الرقبة ولا يحصل هذا الغرض مع بقاء رق بعضه.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460