مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٢
يوم الموت في الوصية ويوم القبض في الهبة، ولو خصص بها نصفه الحر أو الرقيق أو أحد السيدين تخصص. (وإن عتق) أو بيع بعد موت الموصي والقبول فالملك للمعتق أو البائع. وإن عتق أو بيع (بعد موته) أي الموصي، (ثم قبل) الوصية (بني) الكلام في هذه المسألة (على أن الوصية بم تملك) إن قلنا بالموت بشرط القبول وهو الأظهر، أو بالموت فقط فهي للمعتق أو البائع، وإن قلنا بالقبول فقط فللعتيق في الأولى والمشتري في الثانية. ولو عتق مع الموت فالملك للعتيق لأنه حر وقت الملك. أما إذا أوصى لعبد نفسه، فإن أوصى له برقبته صح، وإن أوصى له بثلث ماله نفذت الوصية في ثلث رقبته لأنه من ماله وعتق ذلك الثلث وباقي الثلث من سائر أمواله وصية لمن بعضه ملك للوارث وبعضه حر.
وإن أوصى له بمال ثم أعتقه فهو له أو باعه للمشتري وإلا بأن مات وهو في ملكه فوصية لوارث، وسيأتي حكمها.
ولو أوصى له بثلث ماله وشرط تقديم عتقه فأزمع عتقه بباقي الثلث. وتصح الوصية لأم ولده لأنها تعتق بموته ومكاتبه لأنه مستقل بالملك ومدبره كالقن، فإن عتق المكاتب فهي له وإلا فوصية لوارث لأنه المالك له وقت الملك أو عتق المدبر. وخرج عتقه مع وصيته من الثلث استحقها، وإن لم يخرج منه إلا أحدهما قدم العتق فعتق كله، ولا شئ له بالوصية. وإن لم يف الثلث بالمدبر عتق منه بقدر الثلث وصارت الوصية لمن بعضه للوارث. (وإن أوصى لدابة) لغيره (وقصد تمليكها أو أطلق فباطلة) هذه الوصية جزما، لأن مطلق اللفظ للتمليك، والدابة لا تملك، بخلاف الاطلاق للعبد فإنه ينتظم معه الخطاب ويأتي معه القبول، وربما عتق قبل موت الموصى فيثبت له الملك بخلاف الدابة.
تنبيه: قد جزموا هنا بالبطلان، وذكروا في إطلاق الوقف عليها وجهين، قال الرافعي: فيشبه مجيئهما هنا. وقد يفرق بأن الوصية تمليك محض فينبغي إضافته إلى من يملك بخلاف الوقف. قال المصنف: والفرق أصح. قال الزركشي:
وقياس ما مر في صحة الوقف على الخيل المسبلة صحة الوصية لها، أي عند الاطلاق بل أولى. (وإن قال ليصرف في علفها) بسكون اللام وفتحها بخطه، الأول مصدر والثانية للمأكول. (فالمنقول) وعبر في الروضة بالظاهر المنقول (صحتها) لأن علفها على مالكها فهو المقصود بها، كالوصية لعمارة داره فإنها له لأن عمارتها عليه فهو المقصود بها، هذا ما نقله الرافعي عن البغوي والغزالي وغيرهما. ومقابل المنقول احتمال للرافعي فإنه قال: وقد تقدم في نظيره من الوقف وجهان، فيشبه أن هذا مثله، وعبارة المحرر: فالظاهر الصحة. قال في الدقائق: ومراده بالظاهر ما ذكرناه من أنه المنقول لا أنه ناقل الخلاف في صحتها اه‍. وعلى المنقول يشترط قبول مالك الدابة والدار أيضا كسائر الوصايا. ثم يتعين صرفه في الأولى لعلفها وفي الثانية لعمارتها كما بحثه شيخنا دعاية لغرض الموصي، ويتولى الانفاق عليها الوصي أو نائبه من مالك أو غيره ثم القاضي أو نائبه كذلك، فلو باعها مالكها انتقلت الوصية للمشتري، قال المصنف: كما في العبد، وقال الرافعي:
هي للبائع، قال السبكي: وهو الحق إن انتقلت بعد الموت وإلا فالحق أنه للمشتري، وهو قياس العبد في التقديرين.
وقضيته أنه فهم أن المصنف قائل بأنها للمشتري مطلقا، وليس مرادا، بل قوله كما في العبد يقتضي أنه قائل بالتفصيل، وعليه لو قبل البائع ثم باع الدابة فظاهر أنه يلزمه صرف ذلك لفعلها وإن صارت ملك غيره. (وتصح) الوصية من كل مسلم أو كافر (لعمارة) أو مصالح (مسجد) إنشاء وترميما، لأنه قربة وفي معنى المسجد المدرسة والرباط المسبل والخانقاه، وقيد في الكافي وغيره المسجد بالموجود، فإن أوصى لمسجد سيبني لم تصح جزما، وهو نظير ما جزم به الرافعي فيما إذا وقف على مسجد سيبني. (وكذا إن أطلق) الوصية للمسجد ونحوه، كأوصيت له بكذا يصح (في الأصح وتحمل على عمارته ومصالحه) لأن العرف يحمله على ذلك ويصرفه قيمه في أهمها باجتهاد. والثاني: يبطل، لأنه لا يملك كالدابة. ورده الإمام بأن الوصية للدابة نادر مستنكر في العرف فتعين اعتبار اللفظ.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460