مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٥٤
يقبل، ولا يحكم بالرد كما قاله الزركشي في السفيه ومثله بقية المحاجير. (فإن مات الموصى له قبله) أي الموصي، (بطلت) أي الوصية، لأنها قبل الموت غير لازمة فبطلت بالموت كما لو مات أحد المتبايعين قبل القبول. (أو) مات (بعده) قبل قبوله ورده، (فيقبل وارثه) الوصية أو يرد لأنه فرعه فقام مقامه في ذلك، ولو قال: قام وارثه مقامه، لدخلت صورة الرد.
فائدة: ليس لنا عقد لا يفوت بموت القابل إلا الوصية، ومن ذلك ما لو أوصى لرقيق شخص ثم مات الرقيق بعد موت الموصي وقبل القبول، فإن سيده يقوم مقامه في القبول كما هو ظاهر وإن لم أر من ذكره.
تنبيه: شمل إطلاقه الوارث الخاص والوارث العام، حتى لو مات من غير وارث خاص قام الإمام مقامه، فإذا قبل كان الموصى به للمسلمين، وبه صرح الديبلي. وإذا قبل وارثه هل يقضى منه دين؟ فيه وجهان: أصحهما نعم كديته فإنه يقضي منها ديونه وإن قلنا إنها تثبت للورثة ابتداء ولا يخالف قبول الموصى له قبول وارثه إلا في شئ واحد كما في الشامل عن الأصحاب، وهو ما إذا أوصى لرجل بولده، فإنه إذا قبل عتق عليه وورثه، وإذا قبل وارثه عتق ولم يرث إذ لو ورث لاعتبر قبوله وهو ممتنع لأنا لم نحكم بحريته قبل القبول بل هو على الرق، وإذا لم يصح قبوله فلا يرث. أما إذا مات الموصى له بعد قبوله فقد ملكها وانتقلت إلى وارثه سواء أقبضها أم لا، أو بعد الرد بطلت برده. (وهل يملك الموصى له) الوصية (بموت الموصي) كالإرث والتدبير، ولكن إنما تستقر بالقبول كما قاله الشيخ أبو حامد والعراقيون، (أم بقبوله) أي الموصى له لأنه تمليك بعقد فيتوقف على القبول كالبيع، (أم) ملك للوصية (موقوف) وبينه المصنف بقوله:
(فإن قبل) الموصى له (بان أنه ملك) الوصية (بالموت. وإلا) بأن لم يقبلها (بان) أنها (للوارث، أقوال أظهرها الثالث) منها، لأنه لا يمكن جعله للميت فإنه لا يملك، ولا للوارث فإنه لا يملك أن يتصرف فيه إلا بعد الوصية والدين، ولا للموصى له وإلا لما صح رده كالإرث فتعين وقفه، فلو أوصى له بمن يعتق عليه لم يجب عليه القبول بل له الرد، ولا يعتق عليه حتى يقبل الوصية. فإن قيل: يعترض على المصنف بأنه كان ينبغي له أن يقول أو بقبوله لأن صناعة العربية تقتضي أنه إذا سئل ب‍ هل أن يؤتى ب‍ أو، لا ب‍ أم، أجيب أن المصنف تسمح كالفقهاء بوضع هل موضع الهمزة في محل يكون فيه السؤال عن التعيين كما هنا، بخلاف هل، فإن السؤال بها في الأصل عن وجود أحد الأشياء. (وعليها) أي الأقوال الثلاثة (تبنى الثمرة وكسب عبد) مثلا (حصلا بين الموت والقبول ونفقته) وكسوته ونحوهما، (وفطرته) بينهما. فعلى الأول والثالث للموصى له الفوائد وعليه المؤنة، وعلى الثاني لا ولا، ولو رد فعلى الأول له وعليه ما ذكر، وعلى الثاني والثالث لا ولا، وعلى النفي في الموضعين يتعلق ما ذكر بالوارث. وهذا كله في وصية التمليك، أما لو أوصى بإعتاق عبد معين بعد موته فالملك فيه للوارث إلى عتقه قطعا كذلك قالاه فتكون الأكساب له والنفقة عليه، لكن قال الروياني: قيل إنها على الخلاف في الموصى له، والأصح القطع بأنها للعبد لتقرر استحقاقه العتق بخلاف الموصى له فإنه مخير. وبما قاله جزم الجرجاني، وجرى عليه في الروضة في كتاب العتق فهو المعتمد. ولو أوصى بوقف شئ فتأخر وقفه بعد موته فلمن يكون ريعه؟ قيل: للموقوف عليه، وقيل: للوارث، لأنه إنما جعل للموقوف عليه على تقدير حصول حصول الوقف، قال الأذرعي: وهو الأشبه. وقال ابن شهبة: وهذا قريب من كسب العبد الموصى بعتقه قبل العتق اه‍. وهذا ظاهر إذا كان الوقف على جهة عامة أو معين غير محصور كبني هاشم فإنه لا يحتاج فيها لقبول، أما إذا كان على معين محصور، فكلام الأذرعي أظهر لأنه مخير بين القبول والرد، ولو أوصى بأمته لزوجها فقبل الوصية تبين انفساخ النكاح من وقت الموت وإن رد استمر النكاح، وإن أوصى بها لأجنبي والزوج وارث الموصي وقبل الأجنبي الوصية لم ينفسخ النكاح وإن رد انفسخ. هذا إن خرجت من الثلث، فإن لم تخرج منه أو أوصى بها لوارث وأجاز الزوج الوصية فيهما لم ينفسخ، وإلا انفسخ. فإن قيل:
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460