مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٧
غير متمول كحبة بر أو كلب يقتنى، للحديث المار: على اليد ما أخذت حتى تؤديه، فلو لقي المالك بمفازة والمغصوب معه فإن استرده لم يكلف أجرة النقل. وإن امتنع فوضعه بين يديه برئ إن لم يكن لنقله مؤنة. ولو أخذه المالك وشرط على الغاصب مؤن النقل لم يجز لأنه نقل ملك نفسه، ذكر ذلك البغوي. وفي الشرح والروضة في آخر الباب عن المتولي أنه لو رد الدابة لاصطبل المالك برئ إن علم المالك به مشاهدة أو إخبار ثقة ولا يبرأ قبل العلم، وأقراه. ولو غصب من المودع والمستأجر والمرتهن برئ بالرد إليهم لا إلى الملتقط لأنه غير مأذون له من جهة المالك، وفي المستعير والمستام وجهان أوجههما أنه يبرأ لأنهما مأذون لهما من جهة المالك لكنهما ضامنان. ولو أخذ من عبد شيئا ثم رده إليه فإن كان سيده دفعه إليه كملبوس العبد وآلات يعمل بها برئ، وكذا لو أخذ الآلة من الأجير وردها إليه لأن المالك رضي به، قاله البغوي في فتاويه.
تنبيه: قضية كلام المصنف أنه لا يجب على الغاصب مع رد عين المغصوب شئ. ويستثنى مسألة يجب فيها مع الرد القيمة، وهي ما لو غصب أمة فحملت بحر في يده ثم ردها لمالكها فإنه يجب عليها قيمتها للحيولة، لأن الحامل بحر لا تباع، ذكره المحب الطبري، قال: وعلى الغاصب التعزير لحق الله تعالى واستيفاؤه للإمام، ولا يسقط بإبراء المالك.
واستثنى البلقيني من وجوب الرد صورا: إحداها إذا ملكه الغاصب بالغصب، وذلك في حربي غصب مال حربي، ولا يملك الغاصب بالغصب إلا في هذه الصورة لأن مال الحربي غير محترم. الثانية: لو غصب خيطا وخاط به جرح حيوان محترم فلا ينزع منه ما دام حيا، أي إذا كان يتألم به. الثالثة: غصب عصيرا عصر بقصد الخمرية فتخمر عنده يريقه ولا يرده.
الرابعة: كل عين غرمنا الغاصب بدلها لما حدث فيها وهي باقية لا يجب ردها على المالك، كما في الحنطة تبتل بحيث يسري إلى الهلاك ونحو ذلك. ويستثنى من وجوب الرد على الفور مسألتان: الأولى ما لو غصب لوحا وأدرجه في سفينته وكانت في لجة وخيف من نزعه هلاك محترم في السفينة ولو للغاصب على الأصح فلا ينزع في هذه الحالة. ثانيهما: تأخيره للاشهاد وإن طالبه المالك. فإن قيل: هذا مشكل كما قاله بعضهم لاستمرار الغصب. أجيب بأنه زمن يسير اغتفر للضرورة لأن المالك قد ينكره وهو لا يقبل قوله في الرد. (فإن تلف عنده) متمول بآفة أو إتلاف كله أو بعضه، (ضمنه) بالاجماع.
أما غير المتمول كحبة بر أو كلب يقتنى وزبل وحشرات ونحو ذلك فلا يضمنه، ولو كان مستحق الزبل قد غرم على نقله أجرة لم نوجبها على الغاصب.
تنبيه: يستثنى من ضمان المتمول إذا تلف مسائل: منها ما لو غصب الحربي مال مسلم أو ذمي ثم أسلم أو عقدت له ذمة بعد التلف فإنه لا ضما، ولو كان باقيا وجب رده. ومنها لو غصب عبدا وجب قتله لحق الله تعالى بردة ونحوها فقتله فلا ضمان على الأصح. ومنها الرقيق غير المكاتب إذا غصب مال سيده وأتلفه لم يضمنه. ومنها لو قتل المغصوب في يد الغاصب واقتص المالك من القاتل فإنه لا شئ على الغاصب لأن المالك أخذ بدله، قاله في البحر. قال الأسنوي:
وقوله: تلف لا يتناول ما إذا أتلفه هو أو أجنبي لكنه مأخوذ من باب أولى، ولذا قلت أو إتلاف، لكن لو أتلفه المالك في يد الغاصب بأو أتلفه من لا يعقل أو من يرى طاعة الآمر بأمر المالك برئ من الضمان. نعم لو صال المغصوب على المالك فقتله دفعا لم يبرأ الغاصب سواء أعلم أنه عبده أم لا، لأن الاتلاف بهذه الجهة كتلف العبد نفسه. وخرج بقول المصنف: عنده ما لو تلف بعد الرد إلى المالك فإنه لا ضمان، واستثني من ذلك ما لو رده على المالك بإجارة أو رهن أو وديعة ولم يعلم المالك فتلف عند المالك فإن ضمانه على الغاصب، وما لو قتل بعد رجوعه إلى المالك بردة أو جناية في يد الغاصب فإنه يضمنه. ثم شرع المصنف في مسائل ذكرها الأصحاب استطرادا يقع فيها الضمان بلا غصب بل بمباشرة كالاتلاف أو سبب كفتح القفص. وقد بدأ بالأول، فقال: (ولو أتلف مالا في يد مالكه ضمنه) بالاجماع، واستثني من ذلك مسائل: منها كسر الباب ونقب الجدار في مسألة الظفر. ومنها ما إذا لم يتمكن من دفع الصائل إلا بعقر دابته وكسر سلاحه ونحو ذلك. ومنها ما إذا لم يتمكن من إراقة الخمر إلا بكسر آنيته، ومنها ما يتلفه الباغي على العادل
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429