مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٩٥
وما يدعيه البائع أكثر كما نبه عليه الرافعي في الصداق، كأن يدعي عشرة والمشتري تسعة. (أو صفته) كأن قال البائع: بصحاح والمشتري: بمكسرة. أو جنسه، كقول البائع: بذهب والمشتري: بفضة، وقد صرح به في المحرر. (أو الاجل) بأن أثبته المشتري ونفاه البائع. (أو قدره) كشهر ويدعي المشتري أكثر، أو يقول البائع: بعتكه بشرط رهن أو كفيل فينكر المشتري. (أو قدر المبيع) كقول البائع: بعتك صاعا من هذه الصبرة بدرهم فيقول المشتري: بل صاعين.
أو اختلفا في اشتراط كون المبيع كاتبا مثلا (ولا بينة) لأحدهما، أو لكل منهما بينة وتعارضتا بأن لم يؤرخا بتاريخين، (تحالفا) لخبر مسلم: اليمين على المدعى عليه وكل منهما مدعى عليه كما أنه مدع. وتخصيصه البيع بالذكر جرى على الغالب لأن التحالف يجري في سائر عقود المعاوضات حتى القراض والجعالة والصلح عن دم طردا للمعنى. ولا أثر لقدرة كل من العاقدين على الفسخ في الأولين بلا تحالف، ولا لعدم رجوع كل منهما إلى عين حقه في الثالث. ويؤخذ مما ذكر أن التحالف يجري في زمن الخيار، وهو المعتمد كما صرح به ابن يونس والنسائي والأذرعي وغيرهم. وقال الشافعي والأصحاب بالتحالف في الكتابة مع جوازها من جانب الرقيق. وما استند إليه ابن المقري في قوله بعدم التحالف في زمن الخيار بإمكان الفسخ في زمنه، أجيب عنه بأن التحالف لم يوضع للفسخ بل عرضت اليمين رجاء أن ينكل الكاذب فيتقرر العقد بيمين الصادق. واحترز لقوله: واتفقا على صحة البيع عما إذا لم يتفقا على الصحة، أو اتفقا عليها في عقد ولكن اختلفا هل ذلك العقد بيع أو هبة، فلا تحالف كما سيأتي آخر الباب. والمراد بالاتفاق على الصحة وجودها، ففي الروضة كأصلها: لو قال بعتك بألف، فقال: بخمسمائة وزق خمر حلف البائع على نفي سبب الفساد ثم يتحالفان. وبقوله: ولا بينة أي أو تعارضت البينتان كما مر عما إذا أقام أحدهما بينة فإنه يعمل بها. وشمل كلامه ما إذا كان المتبايعان مالكين أو وكيلين أو مالكا ووكيلا. وفي تحالف الوكيلين وجهان، رجح المصنف منهما التحالف، وفائدته الفسخ أو أن ينكل أحدهما فيحلف الآخر ويقضى له. وليس لنا صورة يحلف فيها الوكيل على الأصح غيرها لأنه لم يثبت لغيره بيمينه شيئا، وإنما يرجع الحال بعد التحالف على الفسخ الذي أوجبه الشرع.
تنبيه: يستثنى من التحالف مسائل: منها ما لو تقابلا في العقد ثم اختلفا بعد الإقالة في قدر الثمن فلا تحالف، بل القول قول البائع لأنه غارم. ومنها ما لو اختلفا في عين المبيع والثمن معا، كأن يقول: بعتك هذا العبد بمائة درهم، فيقول: بل هذه الجارية بعشرة دنانير فلا تحالف جزما إذا لم يتواردا على شئ مع اتفاقهما على بيع صحيح واختلفا في كيفيته، بل يحلف كل منهما على نفي دعوى صاحبه على الأصل. ومنها ما لو اختلف ولي محجور مع مستقل وكان المبيع تالفا وكانت القيمة التي يرجع إليها عند الفسخ بالتحالف أكثر من الشئ الذي سماه، فإنه لا تحالف ويؤخذ بقول البائع لأنه إذا حصل الفسخ رجع الحال إلى غرم القيمة، وهي أكثر من قوله، كما ذكر نظير ذلك في الصداق. ولو اختلفا في عين المبيع فقط واتفقا على الثمن أو اختلفا في قدره تحالفا إن كان الثمن معينا، وكذا إن كان في الذمة كما اقتضى كلام الرافعي هنا ترجيحه وصححه في الشرح الصغير خلافا لما جرى عليه ابن المقري تبعا للأسنوي من عدم التحالف. ولو أقام البائع بينة أن المبيع هذا العبد، والآخر بينة أنه الجارية ولم تؤرخ البينتان سلمت للمشتري ويقر العبد في يده إن كان قبضه وإلا فيترك عند القاضي حتى يدعيه كما جزم به ابن أبي عصرون، وقال أبو الحسن السلمي:
إنه الصحيح، وقيل: يجبر المشتري على قبوله. فإن أرختا قضى بمقدمة التاريخ، ويأتي إيضاح ذلك في محله.
وإذا أخذه القاضي أنفق عليه من كسبه إن كان كسوبا وإلا باعه إن رأى المصلحة في بيعه وحفظ ثمنه، وله ذلك في الحالة الأولى أيضا كما قاله الشيخ أبو حامد. وإذا وقع التحالف (فيحلف كل) منهما (على نفي قول صاحبه وإثبات قوله) لما مر من كونه مدعيا ومدعى عليه، فينفي ما ينكره ويثبت ما يدعيه. نعم إنما يحلف الثاني بعد أن يعرض عليه ما حلف عليه الأول فينكر كما قاله المحاملي. (ويبدأ) في اليمين (بالبائع) ندبا، لحصول الغرض مع
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429