مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٦٤
تلف اللبن) أو لم يتراضيا على رده، (رد معها صاع تمر) وإن زادت قيمته على قيمتها بدل اللبن الموجود حالة العقد للخبر السابق، والعبرة بغالب تمر البلد كالفطرة.
تنبيه: قوله: بعد تلف اللبن يقتضي أنه لا يجب رد الصاع بعد الحلب وقبل التلف، وليس مرادا، فإنه إذا كان اللبن موجودا وطلب البائع رده لم يجبر المشتري عليه لأن ما حدث منه بعد البيع ملك له، وإن طلبه المشتري لم يكلف البائع قبوله وإن لم يتغير لذهاب طراوته، فلو عبر بقوله بعد الحلب كان أولى واستغنى عما قدرته في كلامه. فإن علم بها قبل الحلب ردها ولا شئ عليه. (وقيل يكفي صاع قو ت) لأنه ورد في رواية ذكر التمر كما مر، وفي رواية ذكر الطعام كما رواه الترمذي وصححه، وفي رواية ذكر القمح رواه أبو داود، فدل ذلك على اعتبار القوت مطلقا. وعلى هذا هل يتخير بين الأقوات أو يتعين؟ غالب كلام المصنف يقتضي الأول، وهو وجه، والأصح الثاني، وعلى تعين التمر لو تراضيا بغير صاع تمر من مثلي أو متقوم جاز لأن الحق لهما لا يعدوهما بل الظاهر كما قال الزركشي أنهما لو تراضيا على الرد بغير شئ جاز.
فإن قيل: لم تعين التمر هنا ولم يجز العدول عنه إلى غيره بغير رضا وإن كان أعلى منه في القيمة والافتيات بخلاف الفطرة؟
أجيب بأن المقصود هنا قطع النزاع مع ضرب تعبد، والمقصود في الفطرة سد الخلة، فإن تعذر عليه التمر فقيمته بالمدينة كما نقله الشيخان عن الماوردي وهو أحد وجهين له، وجرى عليه ابن المري وهو المعتمد، والوجه الآخر: قيمته في أقرب بلاد التمر إليه، وصححه السبكي و الأذرعي وغيرهما. ولو اشترى مصراة بصاع من تمر ردها وصاع تمر إن شاء واسترد صاعه. قال القاضي وغيره: لأن الربا لا يؤثر في الفسوخ، ولو تعددت المصراة في عقد تعدد الصاع بعددها كما نص عليه.
ولو تعدد العقد بتعدد البائع أو المشتري أو بتفصيل الثمن ورد البعض بعيب هل يتعدد الصاع؟ لم أر من تعرض له، والذي يظهر تعدده لأنهم قالوا إنه لا فرق بين قلة اللبن وكثرته. ولو رضي بعيب التصرية بعد الحلب ثم وجد بها عيبا آخر، فالمنصوص أنه يردها مع بدل اللبن وكذا لو رد غير المصراة بعد حلبها بعيب فإنه يرد معها صاع تمر بدل اللبن كما جزم به البغوي وصححه القاضي وابن الرفعة، وقيل: لا يرد لأنه قليل غير معتنى بجمعه بخلافه في المصراة. (والأصح أن الصاع لا يختلف بكثرة اللبن) وقلته، لظاهر الخبر وقطعا للخصومة بينهما، كما لا تختلف غرة الجنين باختلاف ذكورته وأنوثته ولا أرش الموضحة مع اختلافها في الصغر والكبر. والثاني: يختلف، فيقدر التمر أو غيره بقدر اللبن فقد يزيد على الصاع وقد ينقص عنه. (و) الأصح (أن خيارها) أي المصراة، (لا يختص بالنعم) وهي الإبل والبقر والغنم، (بل يعم كل مأكول) من الحيوان (والجارية والاتان) بالمثناة، وهي الأنثى من الحمر الأهلية لأنه قد ورد في رواية مسلم: من اشترى مصراة وفي رواية للبخاري: من اشترى محفلة ولان لبنها مقصود للتربية. والثاني: مختص بالنعم، لأن غيرها لا يقصد لبنه إلا على ندور. (ولا يرد معهما شيئا بدل اللبن، لأن لبن الجارية لا يعتاض عنه غالبا ولبن الأتان نجس لا عوض له. (وفي الجارية وجه) أنه يرد معها بدل لبنها لأنه كلبن النعم في صحة أخذ العوض عنه. وعلى هذا هل يرد بدله صاع تمر أو قيمته من تمر أو قوت آخر؟ وجهان في النهاية، وظاهر كلام المتن الأول وأن هذا الوجه لا يجري في الأتان، وطرده الإصطخري فيها لأنه عنده طاهر مشروب، وظاهر كلامهم أن رد الصاع جاز في كل مأكول.
قال السبكي: وهو الصحيح المشهور واستبعده الأذرعي في الأرنب والثعلب والضبع ونحوها. (وحبس ماء القناة و) ماء (الرحى) الذي يديرها للطحن (المرسل) ماء كل منهما، (عند البيع وتحمير الوجه) وإرسال الزنبور عليه ليظن بالجارية السمن، (وتسويد الشعر وتجعيده) الدال على قوة البدن، وهو الذي فيه التواء وانقباض لا المفلفل كشعر السودان. (يثبت الخيار) قياسا على
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429