مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٥٤
يبرأ منه على الأظهر لتفاوت الأغراض باختلاف قدره وموضعه، وإن كان مما لا يعاين كالزنا أو السرقة أو الإباق برئ منه قطعا، لأن ذكرها إعلام به قال السبكي: وبعض الوراقين في زماننا يجعل بدل شرط البراءة إعلام البائع المشتري بأن بالمبيع جميع العيوب ورضي به، وهذا جهل لأنه كذب ولا يفيد لأن الصحيح أن التسمية لا تكفي فيما يمكن معاينته حتى يريه إياه. وأما ما لا يمكن معاينته فذكره مجملا بهذه العبارة كذكر ما يمكن معاينته بالتسمية من غير رؤية فلا يفيد. ولا يجوز للحاكم إلزام المشتري بمقتضى هذا الاقرار للعلم بكذبه وبطلانه، وإذا وقع ذلك يكون كشرط البراءة. ولو شرط أن الأمة بكر أو صغيرة أو مسلمة فبان خلاف ذلك فله الرد لخلف الشرط، وكذا لو شرط كون الرقيق المبيع كاتبا أو خبازا أو نحو ذلك من الأوصاف المقصودة فبان خلافه فإنه يثبت له الخيار لفوات فضيلة ما شرطه.
ولو شرط أنها ثيب فخرجت بكرا لم ترد لأنها أكمل مما شرط، وقيل: ترد لأنه قد يكون له في ذلك غرض كضعف آلته أو كبر سنه وقد فات عليه. ولو شرط أن الرقيق كافر أو فحل أو مختون أو خصي فخرج مسلما في الأولى أو خصيا في الثانية أو أقلف في الثالثة أو فحلا في الرابعة، ثبت له الرد لاختلاف لأغراض بذلك، إذ في الكافر مثلا فوات كثرة الراغبين، إذ يشتريه الكافر والمسلم بخلاف المسلم. والخصي بفتح الخاء من قطع أنثياه أو سلتا وبقي ذكره، فلو شرط كونه أقلف فبان مختونا لم يثبت له الرد إذ لم يفت بذلك غرض مقصود إلا إن كان الأقلف مجوسيا بين مجوس يرغبون فيه بزيادة فيثبت له بذلك الرد. ولو شرط كونه فاسقا أو خائنا أو أميا أو أحمق أو ناقص الخلقة فبان خلافه لم يثبت له الرد لأنه خير مما شرط. ولو شرط كون الأمة يهودية أو نصرانية فبانت مجوسية أو نحوها ثبت له الرد لفوات حل الوطئ، بخلاف ما لو شرط كونها يهودية فبانت نصرانية أو بالعكس. ولو اشترى ثوبا على أنه قطن فبان كتانا لم يصح الشراء لاختلاف الجنس. (ولو هلك المبيع) غير الربوي المبيع بجنسه، (عند المشتري) سواء كان بآية سماوية أم بغيرها كأن أكل الطعام (أو) خرج عن قبول النقل كأن (أعتقه) والعبد مسلم، أو وقفه ولو كافرا، أو استولد الأمة، أو جعل الشاة أضحية، (ثم علم العيب) به (رجع بالأرش) لتعذر الرد بفوات المبيع حسا أو شرعا. فإن كان العبد كافرا، قال الأسنوي: لا يرجع ، لأنه لم ييأس من رده لامكان لحوقه بدار الحرب فيسترق ثم يعود إلى الملك. قال: ويجب حمل إطلاقهم على هذا اه‍ . ومحله إذا كان المعتق كافرا أيضا، إذ عتيق المسلم لا يسترق، ومع هذا فهو بعيد، فينبغي إطلاق كلام الأصحاب.
ولو اشترى معيبا جاهلا بعيبه يعتق عليه، أو بشرط العتق فأعتقه رجع بأرشه، لأن المقصود وإن كان العتق قربة فبذل الثمن إنما كان في مقابلة ما ظنه من سلامة المبيع، فإذا فات منه جزء صار ما قصد عتقه مقابلا ببعض الثمن فرجع في الباقي. ومسألة القريب أو من أقر بحريته ليست داخلة في كلام المصنف رحمه الله، فإن الموجود إنما هو العتق لا الاعتاق. ولو قال: أعتق عبدك عني على كذا ففعل ثم ظهر معيبا وجب الأرش واستمر العتق كما جزم به الشيخان في الكفار، قالا: ويجزئ عن الكفارة إن لم يمنع العيب الاجزاء. أما الربوي المذكور كذهب بيع بوزنه ذهبا فبان معيبا بعد تلفه فلا أرش فيه، بل يفسخ البيع، ويغرم البدل، ويسترد الثمن، وإلا لنقص الثمن فيصير الباقي منه مقابلا بأكثر منه، وذلك ربا إن ورد على العين، فإن ورد على الذمة ثم عين غرم بدل التالف، واستبدل في مجلس الرد وإن فارق مجلس العقد. وهل يمتنع الرد على بائع الصيد إذا أحرم لأن رده إتلاف عليه؟ قال الأسنوي: فيه نظر اه‍. والذي يظهر أن له الرد، لأن البائع منسوب إلى تقصير في الجملة. ولو وجد المسلم إليه برأس مال المسلم عيبا بعد تلفه عنده، فإن كان معينا نقص من المسلم فيه بقدر نقص العيب من قيمة رأس المال أو في الذمة وعين غرم بدل التالف واستبدل في مجلس الرد، وإن فارق مجلس العقد. (وهو) أي الأرش (جزء من ثمنه) أي المبيع، (نسبته إليه) أي نسبة الجزء إلى الثمن، (نسبة) أي مثل نسبة (ما نقص العيب من القيمة لو كان) المبيع (سليما) إليها، ولو ذكر هذه اللفظة وقال كما في المحرر والشرحين والروضة إلى تمام قيمة السليم
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429