مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٨
لا يثبت الخيار في الليلة الثالثة بخلاف نظيره من مسح الخف، وعلى هذا لو باع نصف النهار بشرط الخيار يوما ثبت إلى نصف اليوم الثاني. ويدخل الليل في حكم النهار للضرورة كما قاله المتولي وغيره. (وتحسب) المدة المشروطة (من) حين (العقد) الواقع فيه الشرط كالأجل، فإن ابتداءه من العقد لامن التفرق، لأنه لو اعتبر من التفرق لصار أول مدة الخيار مجهولة لأنه لا يعلم متى يفترقان. (وقيل) تحسب (من التفرق) أو التخاير، ونسبه الماوردي إلى الجمهور لأن الظاهر أن الشارط يقصد بالشرط زيادة على ما يفيده المجلس. وعورض بأن التفرق مجهول كما تقدم، واعتباره يؤدي إلى جهالة ابتداء المدة. ولو شرط الخيار بعد العقد في المجلس وقلنا بثبوته وهو الأصح، فالحكم على الثاني لا يختلف، وعلى الأول تحسب من الشرط لا من العقد، فلو قال المصنف من الشرط بدلا عن العقد لدخلت هذه الصورة.
ولو انقضت المدة المشروطة وهما في المجلس بقي خياره فقط، وإن تفرقا والمدة باقية فبالعكس. ويجوز إسقاط الخيارين أو أحدهما فإن أطلقا الاسقاط سقطا، ولاحد العاقدين الفسخ في غيبة صاحبه وبلا إذن حاكم، لأنه فسخ متفق على ثبوته بخلاف الفسخ بالعنة. ويسن كما قال الخوارزمي أن يشهد حتى لا يؤدي إلى النزاع. (والأظهر) في خيار المجلس أو الشرط (أنه إن كان الخيار) المشروط (للبائع فملك المبيع) مع توابعه كلبن ومهر وثمر وكسب وكنفوذ عتق وحل وطئ في مدة الخيار. (له وإن كان للمشتري فله) أي الملك، لأنه إذا كان الخيار لأحدهما كان هو وحده متصرفا في المبيع، ونفوذ التصرف دليل على الملك. (وإن كان) الخيار (لهما فموقوف) أي الملك، لأنه ليس أحد الجانبين أولى من الآخر فتوقفنا. (فإن تم البيع بان أنه) أي الملك فيما ذكر، (للمشتري من حين العقد وإلا فللبائع) وكأنه لم يخرج عن ملكه. والثاني: الملك للمشتري مطلقا لتمام البيع له بالايجاب والقبول. والثالث: للبائع مطلقا. والخلاف جار في خيار المجلس كما مر، وكونه لأحدهما بأن يختار الآخر لزوم العقد. وحيث حكم بملك المبيع لأحدهما حكم بملك الثمن للآخر، وحيث وقف وقف ملك الثمن ولو شرط الخيار لأجنبي. قال ابن النقيب: لم أر من تعرض لمن ملك المبيع وذكر فيه خلافا. ونازعه الولي العراقي. وحاصله أنه إن كان الأجنبي من جهة أحدهما فملك المبيع له، وإن كان من جهتهما فموقوف. ولو اجتمع خيار المجلس وخيار الشرط لأحدهما فهل يغلب الأول فيكون الملك موقوفا أو الثاني فيكون لذلك الاحد؟ الظاهر وهو ما اقتضاه كلامهم كما قال شيخنا الأول، لأن خيار المجلس كما قال الشيخان أسرع وأولى ثبوتا من خيار الشرط لأنه أقصر غالبا خلافا للزركشي في قوله: الظاهر الثاني معللا له بأن خيار الشرط ثابت بالاجماع، ومثل ذلك ما لو كان خيار المجلس لواحد بأن ألزم البيع من الآخر وخيار الشرط للآخر والحمل الموجود عند البيع مبيع كالأم فيقابله قسط من الثمن لا كالزوائد الحاصلة في زمن الخيار، بخلاف ما إذا حدث في زمن الخيار فإنه من الزوائد. ومتى وطئ الأمة المبيعة من انفرد بالخيار حل له لنفوذ تصرفه فيها. فإن قيل: حل وطئ المشتري متوقف على الاستبراء وهو غير معتد به في زمن الخيار على الأصح. أجيب بأن المراد بحل الوطئ حله المستند للملك لا للاستبراء ونحوه كحيض وإحرام، على أنه قد لا يجب الاستبراء، بأن يشتري زوجته فلا يحرم وطؤها في زمن الخيار من حيث الاستبراء. ولو اشترى زوجته بشرط الخيار ثم طلقها في زمنه، فإن كان الخيار للبائع وقع لبقاء الملك له، وكذا يقع إن كان الخيار لهما وفسخ البيع لتبين بقاء الملك له لا إن تم لتبين أنها ملك المشتري. وإن كان الخيار للمشتري وتم البيع لم يقع لأنها ملكه، وإن فسخ فوجهان مبنيان على أن الفسخ برفع العقد من حينه أو من أصله، والأصح الأول فلا يقع. ويحرم وطؤها في زمن الخيار إذا كان له وحده لجهالة جهة المبيع له لأنه لا يدري أيطأ بالملك أو بالزوجية، وإذا اختلفت الجهة وجب التوقف احتياطا للبضع. أما إذا كان الخيار للبائع أو لهما فيجوز الوطئ بالزوجية لبقائها.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429