مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٢٣
بينهما كما يحال بين الصبي المميز إذا وصف الاسلام وبين أبيه، وسيأتي هل ذلك واجب أو مندوب. والطريق الثاني فيه قولان، ثانيهما يتبعه في الكفر كالنسب. (ويحكم) أيضا (بإسلام الصبي بجهتين أخريين) غير تبعية الدار، (لا تفرضان في اللقيط) وإنما ذكرا في بابه استطرادا. (إحداهما) وهي أقواهما (الولادة، فإذا كان أحد أبويه مسلما وقت العلوق فهو) أي الصبي، أي الصغير الشامل للأنثى والخنثى، (مسلم) بإجماع وتغليبا للاسلام، ولا يضر ما يطرأ بعد العلوق منهما من درجة.
(فإن بلغ) الصغير المسلم بالتبعية لاحد أبويه (ووصف كفرا) بأن أعرب به عن نفسه كما في المحرر، (فمرتد) لأنه مسلم ظاهرا وباطنا. (ولو علق بين كافرين ثم أسلم أحدهما) قبل بلوغه، (حكم بإسلامه) حالا، سواء أسلم أحدهما قبل وضعه أم بعده، قبل تمييزه أم بعده وقبل بلوغه، لقوله تعالى: * (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم) *.
تنبيه: قول المصنف: ثم أسلم أحدهما بوهم قصره على الأبوين، وليس مرادا بل في معنى الأبوين الأجداد والجدات وإن لم يكونوا وارثين وكان الأقرب حيا. فإن قيل: إطلاق ذلك يقتضي إسلام جميع الأطفال بإسلام أبيهم آدم عليه الصلاة والسلام. أجيب بأن الكلام في جد يعرف النسب إليه بحيث يحصل بينهما التوارث، وبأن التبعية في اليهودية والنصرانية حكم جديد وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه. والمجنون المحكوم عليه بكفره كالصغير في تبعية أحد أصوله في الاسلام إن بلغ مجنونا، وكذا إن بلغ عاقلا ثم جن في الأصح. وتقدم عن ابن حزم الظاهري أن المسلم إذا زنى بكافرة يكون الولد مسلما يرده قولهم: أسلم أحد أبويه، وهذا ليس كذلك. ويدخل في قول المصنف بين كافرين الأصليان والمرتدان على ترجيحه من أن ولد المرتدين مرتد كما سيأتي في كتاب الردة، أما على ترجيح الرافعي من أنه مسلم فلا يدخل ذلك. (فإن بلغ ووصف) بعد بلوغه (كفرا فمرتد) في الأظهر لسبق الحكم بإسلامه، فأشبه من أسلم بنفسه ثم ارتد. (وفي قول كافر أصلي) لأنه كان محكوما بكفره وأزيل ذلك الحكم بالتبعية، فإذا استقل انقطعت فيعتبر بنفسه.
تنبيه: محل الخلاف المذكور إذا لم يصدر منه بعد البلوغ وصف الاسلام، فإن وصفه ثم وصف الكفر فمرتد قطعا. وعلى القول الأول لا تنقض الأحكام الجارية عليه قبل الحكم بردته من إرث وغيره من الأحكام حتى لا يرد ما أخذه من تركة قريبه المسلم، ولا يأخذ من تركة قريبه الكافر ما حرمناه منه، ولا يحكم بأن إعتاقه عن الكفارة لم يقع مجزئا لأنه كان مسلما باطنا وظاهرا بخلاف ما إذا قلنا إنه كافر أصلي، فإن مات قبل البلوغ وقبل الافصاح بشئ لم ينقض ما حكم به من أحكام إسلامه في الصبا، بخلاف ما إذا قلنا إنه كافر أصلي لو أعرب بالكفر، وإن حكم بإسلامه تبعا للدار فبلغ وأفصح بالكفر فأصلي لا مرتد فيقر على كفره وينقض ما أمضيناه من أحكام الاسلام مما جرى في الصغر وبعد البلوغ وقبل الافصاح بشئ، وهذا معنى قولهم: تبعية الدار ضعيفة الجهة. (الثانية: إذا سبى مسلم طفلا) أو مجنونا (تبع السابي) له (في الاسلام) فيحكم بإسلامه ظاهرا وباطنا، (إن لم يكن معه أحد أبويه) لأن له عليه ولاية وليس معه من هو أقرب إليه منه فتبعه كالأب قال الإمام: وكأن السابي لما أبطل حريته قلبه قلبا كليا، فعدم عما كان وافتتح له وجود تحت يد السابي وولاية فأشبه تولده بين الأبوين المسلمين، وسواء أكان السابي بالغا عاقلا أم لا، أما إذا سبي مع أحد أبويه فإنه لا يتبع السابي جزما، ومع كون أحد أبوي الطفل معه أن يكونا في جيش واحد وغنيمة واحدة لا أن مالكهما واحد بل يتبع أحد أبويه في دينه وإن اختلف سابيهما، لأن تبعة الأصل أقوى من تبعية السابي فكان أولى بالاستتباع. ولا
(٤٢٣)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429