مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٠٤
و) لا (هبته و) لا (إعتاقه و) لا (وطئها) لكمال ملك الولد ونفوذ تصرفه فلا يؤثر فيه ما ذكر، وقوله: (في الأصح) راجع للخمس صور. والثاني: يحصل الرجوع بكل منها كما يحصل به من البائع في زمن الخيار. وفرق الأول بأن الملك هناك ضعيف بخلاف ما نحن فيه، وعلى الأول يلزم الوالد بالاتلاف والاستيلاد القيمة وبالوطئ المهر، وتلغو البقية، وتحرم به الأمة على الولد لأنها موطوءة والده، وتحرم موطوءة الولد التي وطئها الوالد عليهما معا كما سيأتي إن شاء الله تعالى في موانع النكاح. ولو تفاسخ المتواهبان الهبة أو تقايلا حيث لا رجوع لم تنفسخ كما جزم به صاحب الأنوار.
فروع: أحدها: لو باع الولد العين الموهوبة من أبيه ثم ادعى الأب أنه رجع فيها قبل البيع لم يقبل إلا ببينة. ثانيها:
لو جهز شخص ابنته بأمتعة لم تملكها إلا بإيجاب وقبول إن كانت بالغة، ويصدق بيمينه أنه لم يملكها، وكذا لو اشترى أمتعة بيتها لم تملكها بذلك، بخلاف ما لو كانت صغيرة واشترى بنيتها فتملك بذلك، ثم إن أنقد الثمن بنية الرجوع رجع وإلا فلا. ثالثها: لو كان في يد الوالد عين وأقر بأنها في يده أمانة وهي ملك ولده ثم ادعى بعد ذلك أن المقر به كان هبة منه وأنه رجع فيه وكذبه الولد صدق عند الأكثرين ولا رجوع للأب، والمعتمد ما أفتى به القضاة الثلاثة: أبو الطيب، والماوردي، والهروي من أن الأب هو المصدق بيمينه، وصححه المصنف. رابعها: لو تصدق على غير بثوب فظن أنه أودعه أو أعار له ملكه اعتبارا بنية الدافع، فلو رده عليه المدفوع له لم يحل له أخذه لزوال ملكه عنه. (ولا رجوع لغير الأصول في هبة مقيدة بنفي الثواب) أي العوض للحديث المار، ولأنه بذل ماله مجانا كالمتصدق.
تنبيه: أفهم كلامه صحة الهبة إذا قيدت بنفي الثواب، وهو الأصح لأنه حقه فله إسقاطه. (ومتى وهب) شيئا (مطلقا) عن تقييده بثواب وعدمه، (فلا ثواب) أي لا عوض (إن وهب لدونه) في المرتبة، كالملك لرعيته، والأستاذ لغلامه، إذ لا تقتضيه لفظا ولا عادة.
تنبيه: ألحق الماوردي بذلك سبعة أنواع: هبة الأهل والأقارب لأن القصد الصلة، وهبة العدو لأن القصد التآلف، وهبة الغني للفقير لأن المقصود نفعه، والهبة للعلماء والزهاد لأن القصد القربة والتبرك، وهبة المكلف لغيره لعدم صحة الاعتياض منه، والهبة للأصدقاء والاخوان لأن القصد تأكد المودة، والهبة لمن أعان بجاهه أو ماله لأن المقصود مكافأته. وزاد الدارمي هدية المتعلم لمعلمه، وهو داخل في عموم كلام الماوردي. (وكذا) إن وهب مطلقا الدون (لاعلى منه) كهبة الغلام لأستاذه فلا ثواب (في الأظهر) كما لو أعاره دارا لا يلزمه شئ إلحاقا للأعيان بالمنافع.
والثاني: يجب الثواب لاطراد العادة بذلك. (و) كذا إن وهب مطلقا (لنظيره) فلا ثواب أيضا (على المذهب) المقطوع به لأن القصد من مثله الصلة وتأكد الصداقة، والطريق الثاني: طرد القولين السابقين. والهدايا في ذلك كالهبة كما قاله المصنف تفقها ونقله في الكفاية عن تصريح البندنيجي. وأما الصدقة فثوابها عند الله تعالى فلا يجب العوض فيها مطلقا، قال في زيادة الروضة: ونقل عن تصريح البغوي وغيره. (فإن وجب) في الهبة مطلقا ثواب على المرجوح وهو مقابل الأظهر، (فهو قيمة الموهوب) أي قدرها (في الأصح) لأن العقد إذا اقتضى العوض ولم يسم فيه شئ تجب فيه القيمة، وعلى هذا فالأصح اعتبار قيمة وقت القبض لا وقت الثواب. والثاني: يلزمه ما يعد ثوابا لمثله عادة.
(فإن لم يثبه) هو ولا غيره (فله) أي الواهب (الرجوع) في الموهوب إن بقي، وببدله إن تلف. ولو أهدى شخص لآخر على أن يقضي له حاجة أو يخدمه فلم يفعل وجب عليه ردها إن بقيت وبدلها إن تلفت كما قاله الإصطخري.
(ولو وهب) شخصا شيئا (بشرط ثواب معلوم) عليه، كوهبتك هذا على أن تثيبني كذا، (فالأظهر صحة) هذا (العقد) نظرا للمعنى فإنه معاوضة بمال معلوم فصح كما لو قال بعتك. والثاني: بطلانه نظرا إلى اللفظ لتناقضه، فإن لفظ
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429