مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٩٩
فكأن لا توقيت. ولا يصح تعليق العمرى كإذا مت أو جاء فلان أو رأس الشهر فهذه الدار لك عمرك، فلو قال: إن مت فهي لك عمرك فوصية يعتبر خروجها من الثلث. (ولو قال: أرقبتك) هذه الدار مثلا (أو جعلتها لك رقبي) وفسر المصنف مدة طول ذلك بقوله: أي إن مت قبلي عادت إلي وإن مت قبلك استقرت لك فالمذهب طرد القولين الجديد) وهو الصحية ويلغو الشرط. (والقديم) وهو عدم الصحة، ومقابل المذهب القطع بالبطلان. ولا يحتاج للتفسير في عقد الرقبى بل يكفي الاقتصار على أرقبتك. نعم إن عقدها بلفظ الهبة كوهبتها لك عمرك احتيج للتفسير المذكور. والعمرى والرقبى كالعقدين في الجاهلية في عطيتين مخصوصتين، فالعمري من العمر لأنها يجعلها عمره، والرقبى من الرقوب لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه. قال السبكي: وصحة العمرى والرقبى بعيد عن القياس، لكن الحديث مقدم على كل أصل وكل قياس، وقد ورد فيهما أمر ونهي، فلو قيل بتحريمهما للنهي وصحتهما للحديث كما قلنا في طلاق الحائض لم يبعد وبسط ذلك، ولا بد في الرقبى من القبول والقبض كما مر في العمرى. ولو جعل رجلان كل منهما داره للآخر رقبى على أن من مات قبل الآخر عادت للآخر فرقبى من الجانبين. ثم شرع في الركن الثالث ضابطا له بضابط، فقال: (و) كل (ما جاز بيعه جاز هبته) بالأولى لأن بابها أوسع. فإن قيل: لم حذف المصنف التاء من جاز هبته؟ أجيب بأن تأنيث الهبة غير حقيقي أو لمشاكلة جاز بيعه.
تنبيه: يستثنى من هذا الضابط مسائل: منها الجارية المرهونة إذا استولدها الراهن أو أعتقها وهو معسر فإنه يجوز بيعها للضرورة ولا يجوز هبتها لا من المرتهن ولا من غيره. ومنها بيع الموصوف سلما في الذمة جائز، ويمتنع هبته كوهبتك دينارا في ذمتي ثم يعينه في المجلس. ومنها المكاتب يصح بيعه ما في يده ولا تصح هبته. ومنها القيم والوصي على مال الطفل يصح منهما بيع ما له لا هبته. ومنها هبة المنافع فإنها تباع لاجارة، وفي هبتها وجهان: أحدهما أنها ليست بتمليك بناء على أن ما وهب منافعه عارية وهو ما جزم به الماوردي وغيره ورجحه الزركشي، والثاني: أنها تمليك بناء على أن ما وهب منافعه أمانة، وهو ما رجحه ابن الرفعة والسبكي وغيرهما وهو الظاهر. (و) كل (ما لا) يجوز بيعه (كمجهول ومغصوب) لغير قادر على انتزاعه (وضال) وآبق (فلا) تجوز هبته بجامع أنها تمليك في الحياة.
تنبيه: يستثنى من هذا الضابط مسائل: منها ما استثناه المصنف بقوله: (إلا حبتي حنطة ونحوهما) من المحقرات كشعير، فإنهما لا يجوز بيعهما كما مر في البيع وتجوز هبتهما لانتفاء المقابل فيهما، وهذا الاستثناء مما زاده على المحرر ولم يذكره في الروضة، وقال ابن النقيب، إنه سبق قلم، ففي الرافعي في تعريف اللقطة أن ما لا يتمول كحبة حنطة وزبيبة لا يباع ولا يوهب، لكن قال الأذرعي وغيره: إن الصحيح المختار ما في المتن، وهو كذلك. ومنها ما إذا لم تعلم الورثة مقدار ما لكل منهم من الإرث، كما لو خلف ولدين أحدهما خنثى، وقد ذكر الرافعي في الفرائض أنه لو اصطلح الذين وقف المال بينهم على تساو أو تفاوت جاز، قال الإمام: ولا بد أن يجري بينهم تواهب، وهذا التواهب لا يكون إلا عن جهالة ولكنها تحتمل للضرورة. ومنها ما إذا اختلط حمام برجين فوهب صاحب أحدهما نصيبه للآخر فإنه يصح على الصحيح وإن كان مجهول القدر والصفة للضرورة، ومثل ذلك ما لو اختلطت حنطته بحنطة غيره، أو مائعه بمائع غيره، أو ثمرته بثمرة غيره. ومنها ما لو قالا: أنت في حل مما تأخذ من مالي أو تعطي أو تأكل فإنه يجوز له الاكل دون الاخذ والاعطاء لأن الاكل إباحة، وهي تصح مجهولة بخلافهما. ومنها صوف الشاة المجعولة أضحية ولبنها كما قاله الروياني. ومنها الطعام المغنوم من دار الحرب تجوز هبته للمسلمين بعضهم من بعض ما داموا في دار الحرب، كما يجوز لهم أكله هناك، ولا يصح لهم تبايعه، قاله الزركشي، وهذه في الحقيقة لا تستثنى، لأن الآخذ لا يملك المأخوذ حتى يملكه لغيره، وإنما هو مباح للغانم غير مملوك. ومنها الثمار قبل بدو الصلاح تجوز هبتها من غير شرط القطع، بخلاف البيع، وكذا الزرع الأخضر
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429