مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٩٢
ملكا للموقوف عليه لكنها لاتباع ولا توهب بل ينتفع بعينها كأم الولد ولحم الأضحية، وصحح هذا ابن الرفعة والقمولي وجرى عليه ابن المقري في روضه ونقل أصله عن اختيار المتولي. ولكن اقتصار المصنف على ما ذكره كالحاوي الصغير يقتضي أنها لا تصير ملكا بحال، قال شيخنا: وهو المعتمد الموافق للدليل وكلام الجمهور اه‍. والأول أوجه. فإن قيل:
يلزم عليه التنافي، إذ القول بأن الوقف لا يبطل ويعود ملكا متنافيان. أجيب بأن معنى عوده ملكا أنه ينتفع به ولو باستهلاك عينه كالاحراق، ومعنى عدم بطلان الوقف أنه ما دام باقيا لا يفعل ما يفعل بسائر الاملاك من بيع ونحوه كما مر، وإذا كان كذلك فلا تنافي بين بقاء الوقف وعوده ملكا، بل قيل: إن الموقوف ملك للموقوف عليه في حال الانتفاع به. ولو كان البناء والغراس موقوفا في أر ض مستأجرة وصار الريع لا يفي بالأجرة أو يفي بها فقط، أفتى ابن الأستاذ بأنه يلتحق بما لا ينتفع به إلا باستهلاكه، أي بإحراق ونحوه، فيقلع وينتفع بعينه إن أمكن وإلا صرف إلى الموقوف عليه اه‍. وهذا مما يؤيد ما مر. ثم قال: وإن كان الغراس مما ينتفع بعينه بعد القلع وانتهت مدة الإجارة واختار المؤجر قلعه، فيظهر عدم صحة الواقف ابتداء اه‍. وهذا ممنوع لما مر أنه يصح وقف الرياحين المغروسة، وعلل بأنها تبقى مدة. ولو اشترى بناء على أرض محتكرة ولم يستأجرها ثم وقف البناء، قال الزركشي: فالظاهر أنه إن كان ثم ريع وجبت منه الأجرة وإلا لم يلزم الواقف أجرة لما بعد الوقف، وللمالك مطالبته بالتفريغ اه‍. وإذا قلع يأتي فيه التفصيل المتقدم. وإذا انقلعت أشجار الموقوف أو انهدم بناؤه أجرت أرضه لما لا يراد دوامه كزرعها ولما يراد كغرس وشرط قلعه عند انتهاء المدة وغرست الأرض أو بنيت بأجرتها الحاصلة بإيجارها بعد انقضاء مدة الإجارة. (والأصح جواز بيع حصر المسجد) الموقوفة (إذا بليت وجذوعه إذا انكسرت) أو أشرفت على ذلك كما في الروضة وأصلها، ولو اقتصر عليه المصنف لفهم حكم المنكسر بطريق الأولى. (ولم تصلح إلا للاحراق) لئلا تضيع ويضيق المكان بها من غير فائدة، فتحصيل نزر يسير من ثمنها يعود إلى الوقف أولى من ضياعها، ولا تدخل بذلك تحت بيع الوقف، لأنها صارت في حكم المعدومة. وهذا ما جرى عليه الشيخان، وهو المعتمد، وعلى هذا يصرف ثمنها في مصالح المسجد. قال الرافعي:
والقياس أن يشترى بثمن الحصير حصير لا غيرها، قال: ويشبه أنه مرادهم اه‍. وهو ظاهر إن أمكن وإلا فالأول. وكالحصر في ذلك نحاتة الخشب وأستار الكعبة إذا لم يبق فيها نفع ولا جمال. والثاني: لا يباع ما ذكر إدامة للوقف في عينه، ولأنه يمكن الانتفاع به في طبخ جص أو آجر. قال السبكي: وقد تقوم قطعة من الجذوع مقام آجرة وقد تقوم النحاتة مقام التراب ويختلط به. قال الأذرعي: ولعله أراد مقام التبن الذي يستعمل في الطين، وجرى على هذا جمع من المتأخرين. وأجاب الأول بأنه لا نظر لامكان الانتفاع في هذه الأمور، لأن ذلك نادر لندرة اصطناع هذه الأشياء لبعض المساجد فضلا عن جميعها. أما الحصر الموهوبة أو المشتراة للمسجد فإنها تباع للحاجة. واحترز بقوله: إلا للاحراق عما إذا أمكن أن يتخذ منها ألواح وأبواب فلا تباع قطعا.
تنبيه: جدار الدار الموقوفة المنهدم إذا تعذر بناؤه كالتالف فيأتي فيه ما مر. (ولو انهدم مسجد وتعذرت إعادته) أو تعطل بخراب البلد مثلا، (لم) يعد ملكا ولم (يبع بحال) كالعبد إذا عتق ثم زمن ولم ينقض إن لم يخف عليه لامكان الصلاة فيه ولامكان عوده كما كان، قال المتولي: وتصرف غلة وقفه لأقرب المساجد إليه: أي إذا لم يتوقع عوده والا حفظ كما قاله الإمام وهذا أولى من قول الماوردي: تصرف إلى الفقراء والمساكين. ومن قول الروياني أنه كمنقطع الاخر فإن خيف عليه نقص وبنى الحاكم بنقضه مسجدا آخر ان رآى ذلك والا حفضه وبنائه بقربه أولى ولا يبنى به بئرا كما لا يبنى بنقض بئر خربت مسجدا بل بئر أخرى مراعاة لغرض ما أمكن ولو وقف على قنطرة وانخرق الوادي وتعطلت القنطرة واحتيج إلى قنطرة أخرى جاز نقلها إلى محل الحاجة وغلة وقف الثغر وهو الطرف الملاصق من بلادنا بلاد الكفار إذا حصل فيه الامن بحفظه النادر لاحتمال عوده ثغرا ويدخر من زائد غلة المسجد
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429