مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٨٣
احتمالين. (و) الأصح (أن قوله جعلت) هذه (البقعة مسجدا) وإن لم يكن لله، (تصير به) أي بمجرد هذا اللفظ (مسجدا) لأن المسجد لا يكون إلا وقفا فأغنى لفظه عن لفظ الوقف ونحوه. والثاني وعليه جمع كثير: أن القول المذكور لا يصيره مسجدا لعدم ذكر شئ من ألفاظ الوقف. وإن قال: جعلت البقعة مسجدا لله تعالى صارت مسجدا جزما، وكذا إن قصد بقوله:
جعلت البقعة مسجدا لوقف كما صرح به القاضي حسين. ولو قال: وقفتها للصلاة كان صريحا في الوقف كفاية في وقفه مسجدا فيحتاج إلى نية. ولو بنى بيتا وأذن في الصلاة فيه لم يصر بذلك مسجدا وإن صلى فيه ونوى جعله مسجدا، وقد تقدم أن النية تكفي فيما إذا بناه في موات. (و) الأصح (أن الوقف على معين يشترط فيه قبوله) متصلا بالايجاب إن كان من أهل القبول، وإلا فقبول وليه كالهبة والوصية، وهذا هو الذي قاله الجوزي والفوراني وصححه الإمام وأتباعه، وعزاه الرافعي في الشرحين للإمام وآخرين، وصححه في المحرر، ونقله في زيادة الروضة عنه مقتصرا عليه، وجرى عليه في الكتاب. والثاني:
لا يشترط واستحقاقه المنفعة كاستحقاق العتيق منفعة نفسه بالاعتاق، قال السبكي: وهذا ظاهر نصوص الشافعي في غير موضع، واختاره الشيخ أبو حامد وسليم والماوردي والمصنف في الروضة في السرقة ونقله في شرح الوسيط عن الشافعي، واختاره ابن الصلاح وجرى عليه شيخنا في منهجه. قال في المهمات: ووافقه قول الرافعي لو قال: وقفت عليه زوجته انفسخ النكاح. قال في الوسيط: والذي رأيته في نسخ الرافعي: فلو وقف بحذف لفظة قال وهو الصواب، أي فيكون الوقف قد تم بإيجاب وقبول بخلاف الأول فإنه ينفسخ بمجرد قول الواقف: وقفت عليه زوجته فيكون مفرعا على عدم القبول. وبالجملة فالأول هو المعتمد. وإلحاق الوقف بالعتق ممنوع، لأن العتق لا يرد بالرد ولا يبطل بالشروط المفسدة، بخلاف الوقف في ذلك باتفاق القائلين بأنه ينتقل إلى الله تعالى. وعلى هذا يستثنى ما إذا وقف على ابنه الحائز ما يخرج من ثلثه، فإن قضية كلامهم في باب الوصية لزوم الوقف بمجرد اللفظ وبه صرح الإمام. ولا يشترط على القول بالقبول القبض على المذهب، وشذ الجوزي فحكى قولين في اشتراطه في المعين.
تنبيه: قضية كلام المصنف ترجيح اشتراط القبول في البطن الثاني والثالث لأنهم يتلقون الوقف من الواقف، قال السبكي:
والذي يتحصل من كلام الشافعي والأصحاب أنه لا يشترط قبولهم وإن شرطنا قبول البطن الأول، وأنه يريد بردهم كما يرتد برد الأول على الصحيح فيهما، وجرى على هذا ابن المقري. وعلى هذا فإن ردوا فمنقطع الوسط أو رد الأول بطل كالوكالة والوصية والوقف. أما الوقف على جهة عامة كالفقراء أو على مسجد أو نحوه فلا يشترط فيه القبول جزما لتعذره. فإن قيل: لم لم يجعل الحاكم نائبا في القبول كما جعل نائبا عن المسلمين في استيفاء القصاص؟
. أجيب بأن القصاص لا بد له من مباشر فلذلك جعل نائبا فيه، بخلاف هذا، ولم يشترطوا قبول ناظر المسجد، بخلاف ما لو وهب للمسجد شئ فإنه لا بد من قبول ناظره وقبضه كما لو وهب شئ لصبي. وقوله، جعلته للمسجد كناية تمليك لا وقف، فيشترط قبول الناظر وقبضه كما مر. (ولو رد) الموقوف عليه المعين العين الموقوفة، (بطل حقه) سواء (شرطنا القبول) من المعين (أم لا) كالوصية والوكالة. ولو رجع بعد الرد لم يعد له، وقول الروياني: يعود له إن رجع قبل حكم الحاكم به لغيره، مردود كما نبه عليه الأذرعي. نعم لو وقف على وارثه. الحائز لتركته شيئا يخرج من الثلث لزم ولم يبطل حقه برده كما نقله الشيخان في باب الوصايا عن الإمام.
تنبيه: يشترط في الوقف أربعة شروط: الأول: التأبيد، كالوقف على من لم ينقرض قبل قيام الساعة كالفقراء أو على من ينقرض، ثم على من لا ينقرض كزيد، ثم الفقراء فلا يصح تأقيت الوقف كما تضمنه قوله: (ولو قال وقفت هذا) على كذا (سنة) مثلا (فباطل) هذا الوقف لفساد الصيغة. فإن أعقبه بمصرف كوقفته على زيد سنة ثم على الفقراء صح، وروعي فيه شرط الواقف كما نقله البلقيني عن الخوارزمي.
تنبيه: ما ذكر محله فيما لا يضاهي التحرير، أما ما يضاهيه كالمسجد والمقبرة والرباط كقوله: جعلته مسجدا سنة
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429