مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٨٠
أو اليهود أو نحو ذلك. قال الأذرعي: ويشبه أن يكون المعاهد والمستأمن كالذمي إن حل بدارنا ما دام فيها، فإذا رجع صرف إلى من بعده. وقال الزركشي، مقتضى كلامهم أنه كالحربي، وجزم به الدميري، والأول أوجه. ولم يتعرضوا لما لو لحق الذمي الموقوف عليه بدار الحرب ماذا يفعل بغلة الموقوف عليه، وينبغي أن تصرف إلى من بعده أخذا من كلام الأذرعي المتقدم. و (لا) يصح الوقف على (مرتد وحربي و) لا وقف الشخص على (نفسه في الأصح) المنصوص في الثلاثة، أما في الأولى والثانية فلأنهما لا دوام لهما مع كفرهما، والوقف صدقة جارية، فكما لا يوقف ما لا دوام له لا يوقف على من لا دوام له، أي مع كفره، فلا يرد الزاني المحصن فإنه يصح الوقف عليه مع أنه مقتول.
والثاني: يصح عليهما كالذمي. ونص المصنف في كتب التنبيه على الخلاف بقوله: وقفت على زيد الحربي أو المرتد كما يشير إليه كلام الكتاب. أما إذا وقف على الحربيين أو المرتدين فلا يصح قطعا. وأما الثالثة فلتعذر تمليك الانسان ملكه لنفسه لأنه حاصل، وتحصيل الحاصل محال. والثاني: يصح، لأن استحقاق الشئ وقفا غير استحقاقه ملكا.
ومثل وقفه على نفسه ما لو وقف على الفقراء وشرط أن يأخذ معهم من ريع الوقف لفساد الشرط. وقول عثمان رضي الله تعالى عنه في وقفه بئر رومة: دلوي فيها كدلاء المسلمين ليس على سبيل الشرط، بل إخبار بأن للواقف أن ينتفع بوقفه العام كالصلاة بمسجد وقفه. ولو وقف على نفسه وحكم به حاكم نفذ حكمه ولم ينقض لأنها مسألة اجتهادية. ويستثنى من عدم صحة الوقف على النفس مسائل، منها ما لو وقف على العلماء ونحوهم كالفقراء واتصف بصفتهم، أو على الفقراء ثم افتقر، أو على المسلمين كأن وقف كتابا للقراءة ونحوها أو قدرا للطبخ فيه أو كيزانا للشرب بها ونحو ذلك فله الانتفاع معهم لأنه لم يقصد نفسه. ومنها ما لو وقف على أولاد أبيه الموصوفين بكذا وذكر صفات نفسه فإنه يصح كما قاله القاضي الفارقي وابن يونس وغيرهما، واعتمده ابن الرفعة وإن خالف فيه الماوردي ومنها ما لو شرط النظر لنفسه بأجرة المثل، لأن استحقاقه لها من جهة العمل لا من جهة الوقف، فينبغي أن لا تستثنى هذه الصورة، فإن شرط النظر بأكثر منها لم يصح الوقف لأنه وقف على نفسه. ومنها أن يؤجر ملكه مدة يظن أن لا يعيش فوقها منجمة ثم يقفه بعد على ما يريد، فإنه يصح الوقف ويتصرف هو في الأجرة كما أفتى به ابن الصلاح وغيره، والأحوط أن يستأجره بعد الوقف من المستأجر لينفرد باليد ويأمن خطر الدين على المستأجر. ومنها أن يرفعه إلى حاكم يرى صحته كما عليه العمل الآن، فإنه لا ينقض حكمه كما مر، ولو وقف وقفا ليحتج عنه منه جاز كما قاله الماوردي، وليس هذا وقفا على نفسه لأنه لا يملك شيئا من غلته، فإن ارتد لم يجز صرفه في الحج وصرف إلى الفقراء، فإن عاد إلى الاسلام أعيد الوقف إلى الحج عنه، ولو وقف على الجهاد عنه جاز أيضا، فإن ارتد فالوقف على حاله لأن الجهاد يصح من المرتد بخلاف الحج. ثم شرع في القسم الثاني، فقال: (وإن وقف) مسلم أو ذمي (على جهة معصية، كعمارة الكنائس) ونحوها من متعبدات الكفار للتعبد فيها أو حصرها أو قناديلها أو خدامها أو كتب التوراة والإنجيل أو السلاح لقطاع الطريق، (فباطل) لأنه إعانة على معصية، والوقف شرع للتقرب فهما متضادان، وسواء فيه إنشاء الكنائس وترميمها منعنا الترميم أو لم نمنعه. ولا يعتبر تقييد ابن الرفعة عدم صحة الوقف على الترميم بمنعه، فقد قال السبكي: أنه وهم فاحش لاتفاقهم على أن الوقف على الكنائس باطل وإن كانت قديمة قبل البعثة، فإذا لم نصحح الوقف عليها ولا على قناديلها وحصرها فكيف نصححه على ترميمها وإذا قلنا ببطلان وقف الذمي على الكنائس، ولم يترافعوا إلينا لم نتعرض لهم حيث لا يمنعون من الاظهار، فإن ترافعوا إلينا أبطلناه وإن أنفذه حاكمهم لا ما وقفوه قبل المبعث على كنائسهم القديمة فلا نبطله بل نقره حيث نقرها. أما عمارة كنائس غير التعبد ككنائس نزول المارة فيصح الوقف عليها كما قاله الزركشي وابن الرفعة وغيرهما كالوصية كما سيأتي. (أو) وقف على (جهة قربة) أي يظهر قصد القربة فيها، لقرينة قوله بعد: أو جهة لا تظهر فيها القربة وإلا فالوقف كله قربة. (كالفقراء والعلماء) والقراء والمجاهدين (والمساجد)
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429