مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٠٧
من دار صفقة جاز أخذ أحدهما ولو اتحد فيهما الشفيع لأنه لا يفضي إلى تبعيض الشئ الواحد. ولو اشترياه من اثنين جاز الشفيع أخذ ربعه أو نصفه أو ثلاثة أرباعه أو الجميع. ولو وكل أحد الثلاثة شريكه ببيع نصيبه فباع نصيبهما صفقة بالاذن في بيعه كذلك أو بدونه لم يفرقها الثالث، بل يأخذ الجميع أو يتركه لأن الاعتبار بالعاقد لا بالمعقود عليه.
ولو كانت دار بين اثنين فوكل أحدهما الآخر في بيع نصف نصيبه مطلقا أو مع نصيب صاحبه صفقة فباع كذلك، فللموكل إفراد نصيب الوكيل بالأخذ بالشفعة بحق النصف الباقي له لأن الصفقة اشتملت على ما لا شفعة للموكل فيه وهو ملكه، وعلى ما فيه شفعة وهو ملك الوكيل، فأشبه من باع شقصا وثوبا بمائة.
تنبيه: قد سبق في البيع أن الصفقة تتعدد بتعدد البائع قطعا وبتعدد المشتري على الأصح، وقد عكسوا هنا فقطعوا بتعددها بتعدد المشتري، والخلاف في تعدد البائع، والفرق يؤخذ من التعليل في ذلك. (والأظهر أن الشفعة) بعد علم الشفيع بالبيع (على الفور) لأنها حق ثبت لدفع الضرر فكان على الفور كالرد بالعيب. والمراد بكونها على الفور هو طلبها وإن تأخر التمليك كما نبه عليه ابن الرفعة تبعا للعمراني. ومقابل الأظهر أقوال: أحدها تمتد إلى ثلاثة أيام. وثانيها: تمتد مدة تسع التأمل في مثل ذلك الشقص. وثالثها: أنها على التأبيد ما لم يصرح بإسقاطها أو يعرض به كبعه لمن شئت.
تنبيه: استثنى بعضهم عشر صور لا يشترط فيها الفور، وغالبها في كلام المصنف، لكن لا بأس بجمعها، الأولى: لو شرط الخيار للبائع أو لهما فإنه لا يأخذ بالشفعة ما دام الخيار باقيا. الثانية: له التأخير لانتظار إدراك الزرع وحصاده على الأصح. الثالثة: إذا أخبر بالبيع على غير ما وقع من زيادة في الثمن فترك ثم تبين خلافه فحقه باق. الرابعة: إذا كان أحد الشفيعين غائبا فللحاضر انتظاره وتأخير الاخذ إلى حضوره. الخامسة: إذا اشترى بمؤجل. السادسة: لو قال: لم أعلم أن لي الشفعة وهو ممن يخفى عليه ذلك. السابعة: لو قال العامي: لم أعلم أن الشفعة على الفور فإن المذهب هنا وفي الرد بالعيب قبول قوله. الثامنة: لو كان الشقص الذي يأخذ بسببه مغصوبا كما نص عليه البويطي فقال: وإن كان في يد رجل شقص من دار فغصب على نصيبه ثم باع الآخر نصيبه ثم رجع إليه فله الشفعة ساعة رجوعه إليه، نقله البلقيني. التاسعة: الشفعة التي يأخذها الولي لليتيم ليست على الفور، بل في حق الولي على التراخي قطعا، حتى لو أخرها أو عفا عنها لم يسقط لأجل اليتيم، صرح به الإمام وغيره. العاشرة: لو بلغه الشراء بثمن مجهول فأخر ليعلم لا يبطل، قاله القاضي حسين. وقد تقدمت هذ الصورة وأنها مخالفة لما في نكت التنبيه. (فإذا علم الشفيع) واحدا كان أو أكثر (بالبيع) مثلا، (فليبادر) عقب علمه بالشراء (على العادة) ولا يكلف البدار على خلافها بالعدو ونحوه، بل يرجع فيه إلى العرف، فما عده العرف تقصيرا وتوانيا كان مسقطا، وما لا فلا. وسبق في الرد بالعيب كثير من ذلك وذكر هنا بعضه، فلو جمعهما في موضع وأحال لآخر عليه لكان أولى لأن الحكم في البابين واحد.
تنبيه: محل المبادرة بالطلب عقب العلم إذا لم يثبت للشفيع خيار المجلس، وهو الأصح كما مر. واحترز بالعلم عما إذا لم يعلم فإنه على شفعته ولو مضى سنون. ولا يكلف الاشهاد على الطلب إذا سار طالبه في الحال أو وكل في الطلب، فلا تبطل الشفعة بتركه كما في الشرح والروضة، خلافا لما صححه المصنف في تصحيح التنبيه. (فإن كان) للشفيع عذر ككونه (مريضا) مرضا يمنع من المطالبة لا كصداع يسير، أو محبوسا ظلما أو بدين وهو معسر وعاجز عن البينة، (أو غائبا عن بلد المشتري) غيبة حائلة بينه وبين مباشرة الطلب كما جزم به السبكي في شرحه، (أو خائفا من عدو، فليوكل) في طلبها (إن قدر) على التوكيل فيه لأنه الممكن. ويعذر الغائب في تأخير الحضور للخوف من الطريق إذا لم يجد رفقة تتعمد، والحر والبرد المفرطين. (وإلا) بأن عجز عن التوكيل، (فليشهد على الطلب) لها عدلين أو عدلا وامرأتين ولا يكفي واحد ليحلف معه، قاله الروياني وغيره، لأن بعض القضاة لا يحكم به فلم يستوثق لنفسه. لكن قياس ما قالوه في
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429