مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٦
يباع بعضه ببعض، ولو اقتصر على ما مر لاقتضى أنه لا يباع الرطب إلا تمرا ولا العنب إلا زبيبا، فنبه على أنه يكتفى بالكمال الأول، وجرى على هذا السبكي والأذرعي، وهو الأولى كما قال ابن شهبة من الأول، إذ يلزم من الحمل على الأول اختلاف مفهوم الكتاب فإنه يفهم حينئذ اعتبار الكمال آخرا إلا في العرايا وليس مرادا. وقال السبكي: وقوله أولا نبه به على أنا إذا اعتبرنا الكمال يكتفى بالكمال الأول كالعصير، ولا يشترط الآخر كالخل، فكأنه قال: يعتبر الكمال ولو أولا. وقال الزركشي: كلا الامرين فاسد، أما الأول فلانه لا كمال في الرطب والعنب، ولكنه رخص في بيعه بمثله جافا بشروطه، وأما الثاني فلان تلك الحالة ليست أول أحواله. قال: ومعنى كلام الكتاب أن المماثلة قد تعتبر وقت كمال ذلك الربوي في أول أحواله وهو الحليب فتعتبر المماثلة ذلك الوقت اه‍. وما قاله من أن العصير ليس أول أحوال الكمال ممنوع، إذ ليس له حالة كمال قبل العصير.
تنبيه: قال السبكي: ورأيت في بعض النسخ: وقيل وهو تصحيف. والصواب وقد، وهكذا هو بخط المصنف.
ولا يباع رطب المطعومات برطبها بفتح الراء فيهما ولا بجافها إذا كانت من جنس إلا في مسألة العرايا، سواء أكان لها حالة جفاف كما قال: (فلا يباع رطب برطب) بضم الراء فيهما، (ولا) برطبها بجافها كرطب (بتمر، ولا عنب بعنب ولا) عنب (بزبيب) ولا تين رطب بتين رطب، ولا رطب اليابس للجهل بالمماثلة وقت الجفاف لحديث الترمذي المتقدم، وألحق بالرطب فيما ذكر طري اللحم فلا يباع بطريه ولا بقديده من جنسه، ويباع قد يده بقديده بلا عظم ولا ملح يظهر في الوزن. ولا تباع حنطة بحنطة مبلولة وإن جفت. ولا يشترط في التمر والحب تناهي الجفاف لأنهما مكيلان فلا يظهر أثر الرطوبة في الكيل، بخلاف اللحم فإنه موزون يظهر أثره في الوزن، أو لم يكن لها حالة جفاف كما قال: (وما لا جفاف له كالقثاء) بكسر القاف وضمها والمثلثة والمد، (والعنب الذي لا يتزبب) والرطب الذي لا يتتمر (لا يباع) بعضه ببعض (أصلا) قياسا على الرطب بالرطب. وقد يفهم أنه لو جف على ندور لا يباع جافا، والذي أورده الشيخ أبو حامد والمحاملي وغيرهما الجواز، وقال السبكي: إنه الأقيس. (وفي قول) مخرج (تكفي مماثلته رطبا) بفتح الراء لأن معظم منافعه في رطوبته، فكان كاللبن فيباع وزنا وإن أمكن كيله، وعلى الأول يستثنى الزيتون فإنه لا جفاف له، ويجوز بيع بعضه ببعض كما جزم به الغزالي وغيره. (ولا تكفي مماثلة الدقيق والسويق) أي دقيق الشعير، (والخبز) ونحوها مما يتخذ من الحب كالعجين والنشاء، ولا مماثلة لما فيه شئ مما اتخذ منها كالفالوذج فإن فيه النشاء فلا يباع شئ منه بمثله، ولا بالحب الذي اتخذ منه لخروجها عن حالة الكمال وعدم العلم بالمماثلة، فإن الدقيق ونحوه يتفاوت في النعومة، والخبز ونحوه يتفاوت في تأثير النار. ولا تباع حنطة مقلية بحنطة مطلقا لاختلاف تأثير النار فيها، ولا حنطة بما يتخذ منها ولا بما فيه شئ مما يتخذ منها. ويجوز بيع الحب بالنخالة والحب المسوس إذا لم يبق فيه لب أصلا لأنهما ليسا بربويين. ويصح بيع التمر بطلع الذكور دون طلع الإناث لأنه ليس بربوي، وأما طلع الإناث فإنه ربوي. (بل تعتبر المماثلة في الحبوب) التي لا دهن فيها (حبا) لتحققها فيهما وقت الجفاف (و) تعتبر (في حبوب الدهن كالسمسم) بكسر السينين، (حبا أو دهنا) أو كسبا خالصا من دهنه، فيجوز بيع السمسم بمثله والشيرج بمثله والكسب بمثله. وأما كسب غير السمسم واللوز الذي لا يأكله إلا البهائم، ككسب القرطم، أو أكل البهائم له أكثر فليس بربوي كما يؤخذ من القاعدة المتقدمة. وليس للطحينة قبل استخراج الدهن حالة كمال فلا يجوز بيع بعضها ببعض، ولا بيع السمسم بالشيرج لأنه في معنى بيع كسب ودهن بدهن، وهو من قاعدة مد عجوة. والكسب الخالص والشيرج جنسان، والادهان المطيبة كدهن الورد والبنفسج واللينوفر كلها مستخرجة من السمسم فيباع
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429