مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٥١
فإنهما لا يدخلان. وفرق الأول بأن المقر به أو المبيع هناك الساحة وليس الجدار منها بخلاف الدراهم. قال بعض المتأخرين:
وذكر الجدار مثال فالشجرة كذلك، بل لو قال من هذه الدراهم إلى هذه الدراهم فكذلك فيما يظهر، لأن القصد التحديد لا التقييد اه‍. وما بحثه في الدراهم ممنوع بالفرق المذكور. وهذه المسألة قد سبق ذكرها في الضمان، فالحكم فيه وفي الاقرار والابراء والوصية واليمين والنظر واحد. فإن قيل: قد قالوا فيما لو قال لزوجته: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث أنه يقع عليه الثلاث، فقياسه لزوم العشرة هنا. أجيب بأن عدد الطلاق محصور فأدخلوا فيه الطرفين بخلافه هنا، وإن قال: له علي ما بين الدرهم والعشرة أو ما بين الدرهم إلى العشرة لزمه ثمانية إخراجا للطرفين لأن ما بينهما لا يشملهما.
(وإن قال): له علي (درهم في عشرة، فإن أراد المعية) بأن قال: أردت مع العشرة دراهم له (لزمه أحد عشر) درهما، لأن في تستعمل بمعنى مع كما في قوله تعالى: * (فادخلي في عبادي) *. فإن قيل: قد جزموا فيما لو قال: له علي درهم مع درهم أنه يلزمه درهم واحد لاحتمال أن يريد مع درهم لي فمع نية مع أولى. أجيب بأن قصد المعية في قوله: درهم في عشرة بمثابة حرف العطف، والتقدير: له درهم وعشرة، ولفظ المعية مرادف لحرف العطف بدليل تقديرهم في جاء زيد وعمرو بقولهم: مع عمرو، بخلاف قوله له علي درهم مع درهم، فإن مع فيه لمجرد المصاحبة، والمصاحبة تصدق بمصاحبة درهم لدرهم غيره، ولا يقدر فيها عطف عطف بالواو، ولهذا لا يلزمه إلا درهم إلا أن يريد: مع درهم آخر يلزمني فيلزمه درهمان. وأيضا فقوله: درهم مع درهم صريح في المعية، ودرهم في عشرة صريح في الظرفية، فإذا نوى بالثانية المعية لزمه الجميع عملا بنيته، وإن أراد به المعية لم يصح تقدير المعية بالمصاحبة لدرهم آخر، لأن فيه تكثير المجاز وهو ممتنع وأيضا امتنع ذلك لأن المعية مستفادة لا من اللفظ بل من نيته، فلو قدر معه مجازا لاضمار لكثر المجاز، وأما قوله: درهم مع درهم آخر فهو ظاهر في المعية المطلقة، فإذا أطلق لم يلزمه إلا درهم، فحصل الفرق من وجهين.
فإن قيل: سلمنا وجوب أحد عشر فينبغي أن يلزمه درهم ويرجع في تفسير العشرة إليه، كما لو قال: له علي ألف ودرهم فإن الألف مبهمة ويرجع في تفسيرها إليه. أجيب بأن قوله: ألف ودرهم فيه عطف الدرهم على الألف والألف مبهم، وههنا بالعكس، فإن عطف العشرة تقديرا على الدرهم والدرهم غير مبهم، فكانت العشرة من جنسه، لأن الأصل مشاركة المعطوف للمعطوف عليه. وأجيب أيضا بما قدرته في كلامه، لكن الجواب الأول أولى لأنه يشمل ما إذا لم تعلم له إرادة. (أو) أراد (الحساب) وهو يعرفه، (فعشرة) تلزمه لأنها موجبة عندهم، فإن لم يعرف الحساب فدرهم، وإن قال:
أرد ت ما يريده الحساب كما بحثه في الكفاية فإنه الصحيح في نظيره من الطلاق. (وإلا) بأن لم يرد المعية ولا الحساب وأراد الظرف، (فدرهم) لأنه المتيقن.
فصل: في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء، وقد بدأ بالقسم الأول فقال:
لو (قال: له عندي سيف في غمد) بكسر الغين المعجمة، (أو ثوب في صندوق) بضم الصاد، (لا يلزمه الظرف) لأنه لم يقر به، إذ الظرف غير المظروف، والاقرار يعتمد اليقين. (أو غمد فيه سيف، أو صندوق فيه ثوب لزم الظرف وحده) لا المظروف لما مر، وهكذا كل ظرف ومظروف لا يكون الاقرار بأحدهما إقرارا بالآخر، فلو قال: له عندي جارية في بطنها حمل أو خاتم فيه أو عليه فص أو دابة في حافرها نعل أو قمقمة عليها عروة أو فرس عليها سرج لزمته الجارية والدابة والقمقمة والفرس لا الحمل والنعل والعروة والسرج، ولو عكس عكس الحكم. ولو قال: له عندي جارية وأطلق وكانت حاملا لم يدخل الحمل، لأنه الجارية لم تتناوله، بخلاف البيع، لأن الاقرار إخبار عن حق سابق كما مر، وربما كانت الجارية له دون الحمل بأن كان موصى به، ولهذا لو قال: هذه الدابة لفلان إلا حملها صح، ولو قال: بعتكها
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429