مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٥
كان الأولى للمصنف تقديم النقد على الطعام موافقة للحديث. أجيب بأن الكلام في الطعام أكثر فقدم لذلك، ولا يقال إن تقدم ما للكلام فيه أقل أولى لأن هذا بحسب المقاصد. وعلة الربا في الذهب والفضة جنسية الأثمان غالبا كما صححه في المجموع، ويعبر عنها أيضا بجوهرية الأثمان غالبا، وهي منتفية عن الفلوس وغيرها من سائر العروض لا أنها قيم الأشياء كما جرى عليه صاحب التنبيه، لأن الأواني والتبر والحلي تجري فيها الربا كما مر وليست مما يقوم بها.
واحترز ب‍ غالبا عن الفلوس إذا راجت فإنه لا ربا فيها كما تقدم، ولا أثر لقيمة الصنعة في ذلك، حتى لو اشترى بدنانير ذهبا مصوغا قيمته أضعاف الدنانير اختبرت المماثلة ولا نظر إلى القيمة.
تنبيه: بيع النقد من جنسه وغيره يسمى صرفا، ويصح على معينين بالاجماع ك‍ بعتك أو صارفتك هذا الدينار بهذه الدراهم، وعلى موصوفين على المشهور: كقوله: بعتك أو صارفتك دينارا صفته كذا في ذمتي بعشرين درهما من الضرب الفلاني في ذمتك، ولو أطلق فقال: صارفتك على دينار بعشرين درهما وكان هناك نقد واحد لا يختلف أو نقود مختلفة إلا أن أحدهما أغلب صح ونزل الاطلاق عليه، ثم يعينان ويتقابضان قبل التفرق. ويصح أيضا على معين بموصوف ك‍ بعتك هذا الدينار بعشرة دراهم في ذمتك، ولا يصح على دينين ك‍ بعتك الدينار الذي في ذمتك بالعشرة التي لك في ذمتي لأن ذلك بيع دين بدين. والحيلة في تمليك الربوي بجنسه متفاضلا كبيع ذهب بذهب متفاضلا أن يبيعه من صاحبه بدراهم أو عرض ويشتري منه بها أو به الذهب بعد التقابض، فيجوز وإن لم يتفرقا ولم يتخايرا لتضمن البيع الثاني إجازة الأول بخلافه مع الأجنبي، أو يقرض كل صاحبه ويبرئه أو يتواهبا الفاضل لصاحبه، وهذا جائز إذا لم يشترط في بيعه وإقراضه وهبته ما يفعله صاحبه وإن كره قصده. (ولو باع جزافا) بكسر الجيم، طعاما أو نقدا بجنسه (تخمينا) أي حزرا للتساوي، (لم يصح) البيع (وإن خرجا سواء) للنهي عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم مكيلها بالكيل المسمى من التمر، رواه مسلم، وقيس النقد على المطعوم، وللجهل بالمماثلة عند البيع، وهذا معنى قول الأصحاب:
الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة. ويؤخذ البطلان عند عدم التخمين بطريق الأولى. ولو علما تماثل الصبرتين جاز البيع كما قال القاضي، ولا حاجة حينئذ إلى كيل. ولو علم أحدهما مقدارهما وأخبر الآخر به فصدقه فكما لو علما، قاله الروياني.
ولو باع صبرة بر بأخرى كيلا بكيل أو صبرة نحو دراهم بأخرى وزنا بوزن صح إن تساويا لحصول المماثلة وإلا فلا ، لأنه قابل الجملة بالجملة وهما متفاوتتان. ويصح بيع صبرة بكيلها فيما يكال أو وزنها فيما يوزن من صبرة أكبر منها لحصول المماثلة. ولو تفرقا في هذه وفي التي قبلها فيما إذا صح البيع بعد قبض الجملتين وقبل الكيل أو الوزن، جاز لحصول التقابض في المجلس، وما فضل من الكبيرة بعد الكيل أو الوزن لصاحبها، فالمعتبر في القبض هنا ما ينقل الضمان فقط لا ما يفيد التصرف أيضا لما سيأتي أن قبض ما بيع مقدرا إنما يكون بالتقدير. ولو باع صبرة بر بصبرة شعير جزافا جاز لعدم اشتراط المماثلة، فإن باعها بها مكايلة فإن خرجتا سواء صح وإن تفاضلتا وسمح رب المال بإعطائه الزائد أو رضي رب الناقص بقدره من الزائد أقر البيع وإن تشاحا فسخ، وتقدم ما في هذه مع جوابه الكلام على بيع الصبرة بمائة درهم كل صاع بدرهم. (وتعتبر المماثلة) للربوي حال الكمال، فيعتبر في الثمار والحبوب (وقت الجفاف) وتنقيتها شرط للمماثلة لا للكمال، لأنه (ص) سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال: أينقص الرطب إذا يبس؟ فقالوا: نعم، فنهى عن ذلك، صححه الترمذي وغيره. أشار (ص) بقوله: أينقص إلى أن المماثلة إنما تعتبر عند الجفاف، وإلا فالنقصان أوضح من أن يسأل عنه. ويعتبر أيضا إبقاؤه على هيئة يتأتى ادخاره عليها كالتمر بنواه، لأنه إذا نزع بطل كماله لتسارع الفساد إليه، بخلاف الخوخ والمشمش ونحوهما فإن كماله لا يبطل بنزع نواه فإن الغالب في تجفيفها - أي في بعض البلاد - نزع نواه، كما أن اللحم المقدد لا يبطل كماله بنزع العظم منه. واختلف المتأخرون في فهم قوله: (وقد يعتبر الكمال أولا) فإنه من مشكلات الكتاب، فقال الشارح: وذلك في مسألة العرايا الآتية في باب بيع الأصول والثمار اه‍. وهذا أحد احتمالين للأسنوي وقال: إنه الأصح في الحمل، والاحتمال الثاني: أنه أراد إدخال العصير والخل من الرطب والعنب فإنه
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429