مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٣٧
تنبيه: تعبير المصنف بالرد لا يشمل من عليه الدين كالمقترض، وحكمه حكم من لا يقبل قوله في الرد، فلو عبر بالدفع لشمله. (ولو قال رجل) لمن عنده مال لمستحقه: (وكلني المستحق بقبض ماله عندك من دين أو عين وصدقه) من عنده المال في ذلك، (فله دفعه إليه) لأنه محق بزعمه، فإن سلم إليه الحق فأنكر المستحق وكالته، فإن كان عينا وبقيت أخذها أو أخذها الدافع وسلمها إليه، فإن تلفت طالب ببدلها من شاء منهما. ومن غرم منهما لا يرجع على الآخر لاعترافهما أن الظالم غيرهما فلا يرجع إلا على ظالمه إلا إن قصر القابض لها فتلفت، وغرم المستحق الدافع لها فإنه يرجع على القابض لأنه وكيل عنده والوكيل يضمن بالتقصير، وكذا يرجع عليه كما في الأنوار إن شرط الضمان عليه إن أنكر المالك، وإن كان الحق دينا لم يطالب به المستحق إلا غريمه لأن القابض فضولي بزعمه والمقبوض ليس حقه وإنما هو مال المديون. وإذا غرمه فله استرداده من القابض إن كان باقيا لأنه مال من ظلمه وقد ظفر به وإن كان تالفا، فإن كان بلا تفريط لم يغرمه وإلا غرمه. هذا كله إن صرح بتصديقه في دعواه الوكالة كما هو فرض المسألة، وإلا فله مطالبته والرجوع عليه بما قبضه منه دينا كان أو عينا. وقد علم من هذا التفصيل أنه لا فرق بين أن يكون المدعى به دينا أو عينا فيجوز له دفعه عند التصديق، وإن قيده بعض المتأخرين من عند نفسه بالدين. ولا يقال إن ذلك تصرف في ملك الغير بغير إذنه إذ غلبة الظن في ذلك كافية. (والمذهب أنه لا يلزمه) الدفع إليه (إلا ببينة على وكالته) لاحتمال إنكار المستحق لها. والطريق الثاني فيه قولان: أحدهما هذا وهو المنصوص، والثاني وهو مخرج من مسألة الوارث الآتية: يلزمه الدفع إليه بلا بينة لاعترافه باستحقاقه الاخذ. (ولو قال) لمن عليه دين: (أحالني) مستحقه (عليك) به وقبلت الحوالة، (وصدقه) في ذلك، (وجب الدفع) إليه (في الأصح) لأنه اعترف بانتقال الحق إليه. والثاني: لا يجب إلا ببينة لاحتمال إنكار صاحب الحق الحوالة.
تنبيه: جحد المحيل الحوالة كجحد الموكل الوكالة، كذا قالاه. ولا يخفى أن الدافع مصدق للقابض على أن ما قبضه صار له بالحوالة، وأن المستحق ظلمه فيما أخذه منه، فينبغي كما قال شيخنا أن لا يرجع على القابض فتخالف الحوالة الوكالة في ذلك. (قلت: وإن قال) من عنده حق لمستحقه: (أنا وارثه) المستغرق لتركته كما قيده في الكفاية، أو وصى له أو موصى له منه (وصدقه) من عنده الحق في ذلك، (وجب الدفع) إليه (على المذهب، والله أعلم) لأنه اعترف بانتقال الحق إليه.
والطريق الثاني فيه قولان: أحدهما هذا وهو المنصوص. والثاني: وهو مخرج من مسألة الوكيل السابقة: لا يجب الدفع إليه إلا ببينة على إرثه، لاحتمال أنه لا يرثه الآن لحياته ويكون ظن موته خطأ. وإذا سلمه ثم ظهر المستحق حيا وغرمه رجع الغريم على الوارث والوصي والموصى له بما دفعه إليهم لتبين كذبهم، بخلاف صور الوكالة لا رجوع فيها في بعض صورها كما مر، لأنه صدقه على الوكالة وإنكار المستحق لا يرفع تصديقه وصدق الوكيل لاحتمال أنه وكله ثم جحد، وهذا بخلافه.
خاتمة: لو صدق الموكل بقبض دين أو استرداد وديعة أو نحوه مدعي التسليم إلى وكيله المنكر لذلك لم يغرم الموكل مدعي التسليم بترك الاشهاد، ويفارق ما لو ترك الوكيل بقضاء الدين الاشهاد حيث يغرمه الموكل بأن الوكيل يلزمه الاحتياط للموكل فإذا تركه غرم بخلاف الغريم. ويجوز عقد النكاح والبيع ونحوهما بالمصادقة على الوكالة به، ثم بعد العقد إن كذب الوكيل نفسه لم يؤثر وإن وافقه من وقع العقد، لأن فيه حقا للموكل، إلا أن يقيم من وقع له العقد بينة بإقراره أنه لم يكن مأذونا له في ذلك فيؤثر فيه.
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429