مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢١٣
يدل على الاذن) من كل منهما للآخر (في التصرف) لمن يتصرف من كل منهما أو من أحدهما، لأن المال المشترك لا يجوز لاحد الشريكين التصرف فيه إلا بإذن صاحبه، ولا يعرف الاذن إلا بصيغة تدل عليه.
تنبيه: في معنى اللفظ ما مر في الضمان، فلو قال ما يدل على الاذن لكان أولى، فإن قال أحدهما للآخر: أتجر أو تصرف أتجر في الجميع فيما شاء، وإن لم يقل فيما شئت كالقراض. ولا يتصرف القائل إلا في نصيبه ما لم يأذن له الآخر فيتصرف في الجميع أيضا. فإن شرط أن لا يتصرف أحدهما في نصيب نفسه لم يصح العقد لما فيه من الحجر على المالك في ملكه، ومتى عين له جنسا أو نوعا لم يتصرف في غيره. ولا يعتبر فيما عينه أن يعم وجوده، ذكره المحاملي وغيره، بخلاف القراض. والفرق أن المقصود من القراض حصول الربح حتى لا يضيع عمل العامل، والربح لا يحصل فيما لا يعم، والمقصود من الشركة الاذن في التصرف فأشبهت الوكالة. (فلو اقتصرا) أي كل منهما (على اشتركنا لم يكف) في الاذن المذكور (في الأصح) ولا يتصرف كل منهما إلا في نصيبه لاحتمال كون ذلك إخبارا عن حصول الشركة في المال، ولا يلزم من حصولها جواز التصرف بدليل المال الموروث شركة. والثاني: يكفي لفهم المقصود منه عرفا. نعم على الأول إن نويا بذلك الاذن في التصرف كان إذنا كما جزم به السبكي. ثم شرع في شرط العاقدين وهما الركن الثاني، فقال: (و) يشترط (فيهما أهلية التوكيل والتوكل) في المال، لأن كلا منهما يتصرف في ماله بالملك وفي مال الآخر بالاذن، فكل منهما موكل ووكيل. ومحله كما قال في المطلب إذا أذن كل منهما للآخر في التصرف، وإلا فيشترط في الآذن أهلية التوكيل وفي المأذون له أهلية التوكل حتى يصح أن يكون الأول أعمى دون الثاني. وقضية كلامهم جواز الشركة للولي في مال محجوره وهو كذلك كالقراض وإن نظر فيه بعض المتأخرين، بل أولى لأن فيه إخراج جزء من مال محجوره وهو الربح بخلاف الشركة. ويؤيد الجواز أيضا ما سيأتي من أنه لو مات أحد الشريكين وله وارث غير رشيد ورأي الولي المصلحة في الشركة استدامها. قال الأذرعي: وعلى الجواز لا يجوز للولي أن يشارك فاسقا، لأنه يشترط أن يكون الشريك بحيث يجوز إيداع مال المحجور عنده اه‍. وهو كما قال بعض المتأخرين ظاهر فيما إذا كان الشريك هو المتصرف دون ما إذا كان الولي المتصرف. ويكره مشاركة الكافر، ومن لا يحترز عن الربا ونحوه وإن كان التصرف مشاركهما كما نقله ابن الرفعة عن البندنيجي، لما في أموالهما من الشبهة. ولو شارك المكاتب غيره لم يصح كما قاله ابن الرفعة إن كان هو المأذون له، أي ولم يأذن له السيد لما فيه من التبرع بعمله، ويصح إن كان هو الآذن، فإن أذن له صح مطلقا. ثم شرع في شرط المال وهو الركن الثالث، فقال: (وتصح) الشركة (في كل مثلي) أما النقد الخالص فبالاجماع، وأما المغشوش ففيه وجهان: أصحهما كما في زوائد الروضة جوازه إن استمر رواجه.
وأما غير النقدين من المثليات كالبر والشعير والحديد فعلى الأظهر، لأنه إذا اختلط بجنسه ارتفع التمييز فأشبه النقدين.
ومن المثلي تبر الدراهم والدنانير فتصح الشركة فيه، فما أطلقه الأكثرون هنا من منع الشركة فيه مبني على أنه متقوم كما نبه عليه في أصل الروضة، وسوى بينه وبين الحلي والسبائك في ذلك. (دون المتقوم) بكسر الواو، إذ لا يمكن الخلط في المتقومات لأنها أعيان متميزة، وحينئذ قد يتلف مال أحدهما أو ينقص فلا يمكن قسمة الآخر بينهما. (وقيل تختص بالنقد المضروب) الخالص من الدراهم والدنانير كالقراض.
تنبيه: كلام المصنف يفهم أن غير المضروب يسمى نقدا وليس مرادا. (ويشترط خلط المالين بحيث لا يتميزان) لما مر في امتناع المتقوم. ولا بد من كون الخلط قبل العقد، فإن وقع بعده في المجلس لم يكف على الأصح أو بعد مفارقته لم يكف جزما، إذ لا اشتراك حال العقد بعد ذلك. (ولا يكفي الخلط مع) إمكان التمييز بنحو (اختلاف جنس)
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429