مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٠١
دينا ثابتا. (وصحح) في (القديم ضمان ما سيجب) كثمن ما سيبيعه أو ما سيقرضه، لأن الحاجة قد تدعو إليه. (والمذهب صحة ضمان الدرك) بفتح الراء وسكونها، وهو التبعة، أي المطالبة والمؤاخذة وإن لم يكن له حق ثابت، لأن الحاجة قد تدعو إلى معاملة الغريب ويخاف أن يخرج ما يبيعه مستحقا ولا يظهر به فاحتيج إلى التوثق به. ويسمى أيضا ضمان العهدة لالتزام الضامن ما في عهدة البائع رده. والعهدة في الحقيقة عبارة عن الصك المكتوب فيه الثمن، ولكن الفقهاء يستعملونه في الثمن لأنه مكتوب في العهدة مجازا، تسمية للحال باسم المحل. (بعد قبض الثمن) لأنه إنما يضمن ما دخل في يد البائع ولا يدخل الثمن في ضمانه إلا بقبضه. وخرج بعد قبضه الثمن ما لو ثبت دين على غائب فباع الحاكم عقاره من المدعي بدينه وضمن له الدرك شخص إن خرج المبيع مستحقا فإنه لا يصح الضمان - قاله البغوي - لعدم القبض، ونحوه ما في فتاوى ابن الصلاح لو أجر المديون وقفا عليه بدينه وضمن ضمان الدرك. ثم إن بطلان الإجارة لمخالفتها شرط الواقف لا يلزم الضامن شئ من الأجرة لبقاء الدين الذي هو أجرة بحاله، فلم يفت عليه شئ. (وهو) أي ضمان الدرك (أن يضمن للمشتري الثمن إن خرج المبيع مستحقا) أو إن أخذ بشفعة سابقة على البيع ببيع آخر، (أو معيبا) ورده المشتري، (أو ناقصا) إما لرداءته أو (لنقص الصنجة) التي وزن بها، وهي بفتح الصاد فارسية وعربت والجمع صنج، ويقال سنجة بالسين خلافا لابن السكيت. وهذا كالمستثنى من بطلان ما سيجب، ووجه صحته ما مر. وفي قول: وهو باطل لأنه ضمان ما لم يجب. ورد بأنه إن خرج المبيع كما ذكر تبين وجوب رد الثمن. وقطع بعضهم بالأول، وعليه يشترط علم الضامن بقدر الثمن، فإن جهله لم يصح.
وكيفية ضمان الدرك بالثمن أن يقول للمشتري: ضمنت لك عهدة الثمن أو دركه أو خلاصك منه، فإن قال: ضمنت لك خلاص المبيع لم يصح، لأنه لا يستقل بتخليصه إذا استحق، فإن شرط في البيع كفيلا بخلاص المبيع بطل البيع لفساد الشرط، وإن ضمن درك الثمن وخلاص المبيع معا صح ضمان الدرك دون ضمان خلاص المبيع تفريقا للصفقة. ولا يختص ضمان الدرك بالثمن بل يجري في المبيع فيضمنه للبائع إن خرج الثمن المعين مستحقا أو أخذ بشفعة سابقة أو معيبا أو ناقصا إما لرداءته أو لنقص الصنجة، ولو ضمن عهدة فساد مبيع بغير الاستحقاق أو عهدة العيب أو التلف قبل قبض المبيع صح للحاجة إليه، ولا يدخل ذلك تحت ضمان العهدة بأن يقول: ضمنت لك عهدة أو درك الثمن أو المبيع من غير ذكر استحقاق أو غيره مما ذكر، لأن المتبادر منه إنما هو الرجوع بسبب الاستحقاق. ولو خص ضمان الدرك بنوع كخروج المبيع مستحقا لم يطالب بجهة أخرى، ولو خرج بعض المبيع مستحقا طولب الضامن بقسط المستحق.
تنبيه: قد يفهم كلام المصنف عمد صحة ضمان العهدة للمستأجر، وفيه وجهان حكاهما الشيخان في باب الإجارة رجح منهما ابن الرفعة الصحة وهو الظاهر. ويصح ضمان عهدة المسلم فيه بعد أدائه للمسلم إن استحق رأس المال المعين، ولا يصح ضمان رأس المال للمسلم إن خرج المسلم فيه مستحقا لأنه في الذمة ولا استحقاق فيه يتصور، وإنما يتصور في المقبوض.
فرع: لو اختلف الضامن والبائع في نقص الصنجة صدق الضامن بيمينه لأن الأصل براءة ذمته، أو البائع والمشتري صدق البائع بيمينه لأن ذمة المشتري كانت مشغولة بخلاف الضامن فيما ذكر. وإذا حلف البائع طالب المشتري بالنقص لا الضامن إلا إن اعترف أو قامت بينة. قال في المطلب: والمضمون في هذا الفصل ليس هو رد العين وإلا فكان يلزم أن لا تجب قيمته عند التلف بل المضمون ماليته عند تعذر رده، قال: وهذا لا شك فيه عندي وإن لم أراه مسطورا . فائدة: قال ابن سريج: لا يضمن درك المبيع إلا أحمق، وهو كقول الإمام الشافعي رضي الله عنه: لا يدخل في الوصية إلا أحمق أو لص، وأراد به الغالب في الناس. (وكونه) أي المضمون دينا (لازما) غير مستقر، كالمهر قبل
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429