مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٥٦
فتاوى القفال: لا يقبل قوله إلا أن يقيم بينة بذهاب ماله. فرع: لو حلف أن يوفي زيدا دينه في وقت كذا ثم ادعى الاعسار قبل الاجل عدم الحنث إلا أن يعرف له مال كذا، أجابني به شيخي. وهي مسألة كثيرة الوقوع. (وتقبل بينة الاعسار) وإن تعلقت بالنفي لمكان الحاجة، كالبينة على أن لا وارث سوى هؤلاء. (في الحال) قياسا على غيرها. (وشرط شاهد) ليقبل وهو اثنان، (خبره باطنه) أي المعسر لطول جوار، أو مخالطة ونحوها فإن المال يخفى فلا يجوز الاعتماد على ظاهر الحال. فإن عرف القاضي أن الشاهد بهذه الصفة فذاك وإلا فله اعتماد قوله إنه بها، كذا نقلاه عن الامام وهو صرح بنقل ذلك عن الأئمة. وذكر الشيخان في الكلام على التزكية أن القاضي لا بد أن يعرف أن المزكي من أهل الخبرة، أو أن يعرف من عدالته أنه لا يزكي إلا بعد وجودها.
قال الأسنوي: وينبغي أن يكون هذا مثله اه‍. وهو ظاهر. هذا في الشاهد بالاعسار، أما الشاهد بالتلف فلا يشترط فيه الخبرة الباطنة، وحينئذ فيصدق بيمينه في إعساره. (وليقل) أي شاهد الاعسار وهو اثنان كما مر. (هو معسر، ولا يمحض النفي كقوله لا يملك شيئا) لأنه لا يمكنه الاطلاع عليه بل يجمع بين نفي وإثبات فيقول كما قال الشيخان: هو معسر لا يملك إلا قوت يومه وثياب بدنه. قال البلقيني: وهذا غير صحيح لأنه قد يكون مالكا لغير ذلك وهو معسر، كأن يكون له مال غائب بمسافة القصر فأكثر ولان قوت يومه قد يستغنى عنه بالكسب، وثياب بدنه قد تزيد على ما يليق به، فيصير موسرا بذلك، فالطريق أن يشهد أنه معسر عاجز العجز الشرعي عن وفاء شئ من هذا الدين أو ما في معنى ذلك اه‍. وهو حسن. وأفاد التعبير بالشاهدين أنه لا يكفي رجل وامرأتان ولا رجل ويمين، وأنه لا يشترط ثلاثة. وأما قوله (ص) فيما رواه مسلم لمن ذكر له أن جائحة أصابت ماله وسأله أن يعطيه من الصدقة حتى يشهد ثلاثة من ذوي الحجا من قومه، فمحمول على الاحتياط. وسكوت المصنف عن تحليفه مع بينة الاعسار يشعر بأنه لا حاجة إليه، وليس مرادا، بل يجب تحليفه على إعساره باستدعاء الخصم لجواز أن يكون له مال في الباطن. ولو كان الحق لمحجور عليه أو غائب أو جهة عامة لم يتوقف التحليف على الطلب، وإنما يحلف بعد إقامة البينة كما قاله القفال. ولا يحلف من أقام البينة على إتلاف ماله بلا خلاف لأن فيه تكذيب البينة. وله تحليف الغرماء أنهم لا يعرفون إعساره إذا ادعاه عليهم، فإن نكلوا حلف وثبت إعساره كما مر، وإن حلفوا حبس، فإن ادعى ثانيا وثالثا وهكذا أنه بان لهم إعساره حلفوا حتى يظهر للحاكم أن قصده الايذاء، ولو ثبت إعساره فادعوا بعد أيام أنه استفاد مالا وبينوا الجهة التي استفاد منها فلهم بحليفه إلا أن يظهر منهم قصد الايذاء. وإذا شهد على مفلس بالغني فلا بد من بيان سببه لأن الاعدام لما لم يثبت إلا من أهل الخبرة كذلك الغني، قاله القفال في فتاويه. ولو وجد في يد المعسر مالا فأقر به لشخص وصدقه أخذه منه ولا حق فيه للغرماء. ولا يحلف المعسر أنه ما واطأ المقر له على الاقرار، لأنه لو رجع عن إقراره لم يقبل، وإن كذبه المقر له أخذه الغرماء ولا يلتفت إلى إقراره به لآخر لظهور كذبه في صرفه عنه، وإن أقر به لغائب انتظر قدومه فإن صدقه أخذه وإلا أخذه الغرماء. ولو أقر به لمجهول لم يقبل منه كما اقتضاه كلامهم، وصرح به الروياني وغيره.
والظاهر كما قال الأذرعي أن الصبي ونحوه كالغائب. نعم إن صدقه الولي فلا انتظار. ولو تعارض بينتا إعسار وملاءة كلما شهدت إحداهما جاءت الأخرى فشهدت بأنه في الحال على خلاف ما شهدت به، فهل يقبل ذلك أبدا ويعمل بالمتأخر؟ أفتى ابن الصلاح بأنه يعمل بالمتأخر منهما وإن تكررت إذا لم ينشأ من تكرارها ريبة، ولا تكاد بينة الاعسار تخلو عن ريبة إذا تكررت. (وإذا ثبت إعساره) عند القاضي (لم يجز حبسه ولا ملازمته بل يمهل حتى يوسر) للآية السابقة، بخلاف من لم يثبت إعساره فيجوز حبسه وملازمته. نعم الأصل ذكرا كان أو غيره وإن علا لا يحبس بدين الولد كذلك وإن سفل ولو صغيرا أو زمنا لأنه عقوبة. ولا يعاقب الولد بالولد، ولا فرق بين دين النفقة وغيرها. وكذا لا يحبس المكاتب بالنجوم ولا المستأجر عينه وتعذر عمله في الحبس تقديما لحق المستأجر كالمرتهن، فإن
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429