مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٣٧
من راهنه - أي من ضمان راهنه - له غنمه وعليه غرمه. وقال الشافعي: وهذا أفصح ما قاله العرب: الشئ من فلان، أي من ضمانه. فلو شرط كونه مضمونا لم يصح الرهن. (ولا يسقط بتلفه شئ من دينه) كموت الكفيل بجامع التوثق.
تنبيه: قوله ولا يسقط بالواو أحسن من حذفها في المحرر والروضة وأصلها، لأنها تدل على ثبوت حكم الأمانة مطلقا، ويتسبب عدم السقوط عنها. ولا يلزمه ضمانه بمثل أو قيمة إلا إن استعار الراهن أو تعدى فيه أو منع من رده بعد سقوط الدين والمطالبة، أما بعد سقوطه وقبل المطالبة فهو باق على أمانته.
فروع: ليس للراهن أن يقول للمرتهن أحضر المرهون وأنا أقضى دينك، إذ لا يلزمه الاحضار ولو بعد قضاء الدين، وإنما عليه التمكين كالمودع، والاحضار وما يحتاج إليه من مؤنة على رب المال. ولو قال: خذ هذا الكيس واستوف حقك منه فهو أمانة في يده إلى أن يستوفي، فإذا استوفاه صار مضمونا عليه. ولو قال: خذه بدراهمك وكانت الدراهم التي فيه مجهولة القدر أو كانت أكثر أو أقل من دراهمه لم يملكه ودخل في ضمانه بحكم الشراء الفاسد، وإن كانت معلومة بقدر حقه ملكها إذا لم يكن للكيس قيمة وإلا فهو من مسألة قاعدة مد عجوة. (وحكم فاسد العقود) الصادرة من رشيد، (حكم صحيحها في الضمان) وعدمه، لأن العقد إن اقتضى صحيحه الضمان بعد التسليم كالبيع والإعارة ففاسده أولى، أو عدمه كالرهن والهبة بلا ثواب، والعين المستأجرة ففاسدة كذلك لأن واضع اليد أثبتها بإذن مالكها ولم يلتزم بالعقد ضمانا. والمراد بما ذكر التسوية في أصل الضمان لا في الضامن ولا في المقدار فإنهما قد لا يستويان. وخرج بزيادة الصادر من رشيد ما لو صدر من غيره ما لا يقتضي صحيحه الضمان فإنه مضمون، واستثني من طرد هذه القاعدة ومن عكسها مسائل: فمن الأول ما إذا قال: قارضتك على أن الربح كله لي فهو قراض فاسد ولا يستحق العامل أجرة، وما لو قال: ساقيتك على أن الثمرة كلها لي فهو فاسد ولا يستحق العامل أجرة. والأولى عدم استثناء هاتين الصورتين لأنهما لم يدخلا في هذه القاعدة، لأن المراد بها ما يقتضي فساده ضمان العوض المقبوض، والمالك هنا لم يقبض عوضا فاسدا، والعامل رضي بإتلاف منافعه وباشر إتلافها، وما لو صدر عقد الذمة من غير الامام فهو فاسد ولا جزية فيه على الذمي. قال ابن السبكي: وهذه لا تستثنى أيضا، لأن القائل بعدم الوجوب لا يقول بفسادها، بل يجعل الصادر لغوا غير عقد صحيح ولا فاسد، أي فإتلاف الحربي غير مضمون فلم تلزمه عوض المنفعة، كما لو دخل دارنا وأقام فيها مدة ولم يعلم به الامام. ومن الثاني الشركة، فإنه لا يضمن كل من الشريكين عمل الآخر مع صحتها ويضمنه مع فاسدها، فإذا خلطا ألفا بألفين وعملا فصاحب الألفين يرجع على صاحب الألف بثلث أجرة مثله، وصاحب الألف يرجع بثلثي أجرته على صاحب الألفين. وما لو صدر الرهن أو الإجارة من متعد كغاصب فتلفت العين في يد المرتهن أو المستأجر فللمالك تضمينه وإن كان القرار على المتعدي، مع أنه لا ضمان في صحيح الرهن والإجارة. ولو قيل في هذه القاعدة: كل عين لا تعدي فيها وكانت مضمونة بعقد صحيح كانت مضمونة بفاسد ذلك العقد، وما لا فلا، لم يرد كما قال شيخي وغيره شئ من هذه المسائل المستثنيات. ومن فروع هذه القاعدة ما ذكره بقوله: ولو شرط كون المرهون مبيعا له عند الحلول فسد أي الرهن لتأقيته والبيع لتعليقه، (وهو) أي المرهون في هذه الصورة (قبل المحل) بكسر الحاء، أي وقت الحلول، (أمانة) لأنه مقبوض بحكم الرهن الفاسد وبعده مضمون بحكم الشراء الفاسد. واستثنى الزركشي ما إذا لم يمض بعد زمن الحلول زمن يتأتى فيه القبض وتلف ضمان، ومن ذلك ما لو رهنه أرضا وأذن له في غرسها بعد شهر فهي قبل الغر س أمانة بحكم الرهن وبعده عارية مضمونة بحكم العارية.
تنبيه: قد تتناول عبارة المصنف ما لو علق ذلك على عدم القضاء فقال: رهنتك وإذا لم أقضك عند الحلول فهو مبيع منك ولا شك في فساد البيع في هذه الصورة. وأما الرهن فالظاهر كما قال السبكي صحته، وكلام الروياني يقتضيه.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429