مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٢٨
ثان. (عنده بدين آخر) مع بقاء رهنه الأول، (في الجديد) وإن وفى بالدينين وكانا من جنسين، كما لا يجوز رهنه عند غير المرتهن. والقديم الجواز، ونص عليه في الجديد أيضا كما تجوز الزيادة على الرهن بدين واحد. وفرق الأول بأن الدين يشغل الرهن ولا ينعكس، والزيادة في الرهن شغل فارغ فيصح، والزيادة في الدين شغل مشغول فلا يصح. نعم لو جنى الرقيق المرهون ففداه المرتهن بإذن الراهن ليكون رهنا بالدين والفداء جاز لأنه من مصالح الرهن لتضمنه استيفاءه ، ومثله لو أنفق المرتهن على المرهون بإذن الحاكم لعجز الراهن عن النفعة أو غيبته ليكون مرهونا بالدين والنفقة، وكذا لو أنفق عليه بإذن الراهن كما قاله القاضي أبو الطيب والروياني وإن نظر فيه الزركشي. ولو رهن الوارث التركة التي عليها الدين ولو غير مستغرق لها من غريم الميت بدين آخر لم يصح كالعبد الجاني وتنزيلا للرهن الشرعي منزلة الرهن الجعلي.
(ولا يلزم) الرهن من جهة الراهن (إلا بقبضه) أي المرهون، لقوله تعالى: * (فرهان مقبوضة) *، فلو لزم بدون القبض لم يكن للتقييد به فائدة، ولأنه عقد تبرع يحتاج إلى القبول فلا يلزم إلا بالقبض كالهبة والقرض. ولا ترد الوصية لأنها إنما تحتاج إلى المقبول فيما إذا كان الموصى له معينا فللراهن الرجوع فيه قبل القبض، أما المرتهن لنفسه فلا يلزم في حقه بحال، وقد يتصور فسخه للرهن بعد قبضه كأن يكون الرهن مشروطا في بيع ويقبضه قبل التفرق من المجلس ثم يفسخ البيع فينفسخ الرهن تبعا. قال الرافعي في باب الخيار: والمراد بالقبض القبض المعهود في البيع ولا بد أن يكون القبض والاقباض كاثنين. (ممن يصح) منه (عقده) أي عقد الرهن، فلا يصح شئ منهما من غيره كصبي ومجنون ومحجور سفه. (وتجري فيه) أي في كل من القبض والاقباض، (النيابة) كالعقد، (لكن لا يستنيب) المرتهن في القبض (الراهن) ولا نائبه في الاقباض لئلا يؤدي إلى اتحاد القابض والمقبض. خرج بذلك ما لو كان الراهن وكيلا في عقد الرهن فقط أو وليا فرشد موليه مثلا، فإنه يجوز للمرتهن أن يستنيبه في القبض لانتفاء العلة، مع أن عبارة المصنف تقتضي عدم الصحة في ذلك، فلو قال: لكن لا يستنيب مقبضا من راهن أو نائبه لكان أولى، وكان ينبغي أن يقول: ولا عكسه، لأن الراهن لو قال للمرتهن:
وكلتك في قبضه لنفسك لم يصح. فإن قيل: أطلقوا أنه لو أذن له في قبضه صح وهو إنابة في المعنى. أجيب بأن إذنه إقباض منه لا توكيل. (ولا) يستنيب (عبده) أي الراهن، ولو كان مأذونا له في التجارة أو مدبرا لأن يده كيد مولاه. (وفي المأذون له وجه) أنه يصح لانفراده باليد والتصرف كالمكاتب. وفرق الأول بأن السيد متمكن من الحجر عليه وأم الولد كالقن.
فإن قيل: لو وكل رجل العبد في شراء نفسه من مولاه صح مع أنه لا يصح فيما لو وكل مولاه، فليست هنا يد العبد كيد مولاه. أجيب بأن شراء العبد نفسه من مولاه صحيح في الجملة لتشوف الشارع إلى العتق، فلم ينظروا فيه إلى تنزيل العبد منزلة مولاه في ذلك. (ويستنيب مكاتبه) لاستقلاله باليد والتصرف كالأجنبي، ومثله المبعض إذا كان بينه وبين سيده مهايأة ووقع القبض في نوبته، وإن وقع التوكيل في نوبة السيد ولم يشترط فيه القبض في نوبته. (ولو رهن) ماله بيد غيره منه، كأن رهن (وديعة عند مودع أو مغصوبا عند غاصب) أو مؤجرا عند مستأجر أو مقبوضا بسوم عند مستام أو معارا عند مستعير، (لم يلزم) هنا الرهن (ما لم يمض زمن إمكان قبضه) أي المرهون كنظيره في البيع، لأنه لو لم يكن في يده لكان اللزوم متوقفا على هذا الزمان، وابتداء زمن إمكان القبض من وقت الاذن فيه لا العقد. وأفهم أنه لا يشترط ذهابه إليه وهو الأصح. (والأظهر اشتراط إذنه) أي الراهن (في قبضه) لأن يده كانت عن غير جهة الرهن ولم يقع تعرض للقبض عنه. والثاني: لا يشترط، لأن العقد مع صاحب اليد يتضمن الاذن. ولو رهن الأب ماله عند طفله أو عكسه اشترط فيه مضي زمن الامكان وقصد الأب للقبض كالاذن فيه. (ولا يبرئه ارتهانه عن الغصب) وإن لزم، لأنه وإن كان
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429