مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٢٧
عن الصحة بقوله: دينار. (ولا بما سيقرضه) لما مر، وعن ذلك الدخل في الدين بتجوز احترز بقوله ثابتا. (ولو) امتزج الرهن بسبب ثبوت الدين، كأن (قال: أقرضتك هذه الدراهم وارتهنت بها عبدك، فقال: اقترضت ورهنت، أو قال: بعتكه بكذا وارتهنت الثوب به، فقال: اشتريت ورهنت، صح في الأصح) لأن شرط الرهن في ذلك جائز، فمزجه أولي لان التوثق فيه آكد لأنه قد لا يفي بالشرط. والثاني: لا يصح، قال الرافعي: وهو القياس لأن أحد شقي العقد قد تقدم على ثبوت الدين. وأجاب الأول بأن ذلك اغتفر لحاجة التوثق، وبهذا يعلم أنه لا حاجة هنا في صورة البيع إلى تقدير وجود الثمن وانعقاد الرهن عقبه، بخلاف ما لو قال: أعتق عبدك عني بكذا فأعتقه عنه فإنه يقدر الملك له ثم يعتق عليه لاقتضاء العتق تقدم الملك. وهذا الترتيب الذي ذكره المصنف شرط وضابطه أن يتقدم الخطاب بالقرض مثلا على الخطاب بالرهن، وجواب القرض على جواب الرهن. وقال: بعتك أو زوجتك أو أجرتك بكذا على أن ترهنني كذا، فقال: اشتريت أو تزوجت أو استأجرت ورهنت صح كما رجحه ابن المقري، وإن لم يقل الأول بعد ارتهنت أو قبلت لتضمن هذا الشرط الاستيجاب. ومن صور مزج الرهن: أن يقول بعني عبدك بكذا ورهنت به هذا الثوب ، فيقول: بعت وارتهنت. (ولا يصح) الرهن (بنجوم الكتابة) لما سلف. (ولا يجعل الجعالة قبل الفراغ) من العمل لأن لهما فسخها متى شاء. فإن قيل: الثمن في مدة الخيار كذلك مع أنه يصح كما سيأتي. أجيب بأن موجب الثمن البيع وقد تم، بخلاف موجب الجعل وهو العمل. وعن المسألتين احترز بقوله لازما. وصورة المسألة أن يقول : مرد عبدي فله دينار، فيقول شخص: ائتني برهن وأنا أرده، ومثله: إن رددته فلك دينار وهذا رهن به، أو من جاء به فله دينار وهذا رهن به لم يصح. (وقيل يجوز بعد الشروع) في العمل لانتهاء الامر فيه إلى اللزوم ما بعد الفراغ منه فيصح قطعا للزوم الجعل به. (ويجوز) الرهن (بالثمن في مدة الخيار) لأنه آيل إلى اللزوم، والأصل في وضعه اللزوم، بخلاف جعل الجعالة. وظاهر أن الكلام حيث قلنا ملك المشتري المبيع ليملك البائع الثمن كما أشار إليه الامام، ولا شك أنه لا يباع المرهون في الثمن ما لم تمض مدة الخيار، دخلت المسألة في قوله لازما بتجوز. قال الأسنوي وغيره:
ولا يغني عن الثابت اللازم، لأن الثبوت معناه الوجود في الحال. واللزوم وعدمه صفة للدين في نفسه لا يتوقف على وجود الدين، كما يقال: دين الفرض لازم، ودين الكتابة غير لازم، فلو اقتصر على الدين اللازم لورد عليه ما سيقرضه ونحوه مما لم يثبت. وقال ابن الصلاح: ولان الالتزامات لا يكتفى بها في المخاطبات، وهما وصفان مقصودان يحترز بهما عن عدم الثبوت واللزوم. ولا فرق في الدين بين المستقر: كدين القرض وثمن المبيع المقبوض، وغير المستقر: كثمن المبيع قبل قبضه. والأجرة قبل الانتفاع في إجارة العين، والصداق قبل الدخول، أما الأجرة في إجارة الذمة فلا يصح الرهن بها لعدم لزومها في الذمة، إذ يلزم قبضها في المجلس قبل التفرق، فهي كرأس مال السلم. ويصح بالمنفعة في إجارة الذمة لأنها في إجارة العين، لأنها في الأولى دين بخلافها في الثانية. ويصح بمال المسابقة، لأن الأصل في عقدها اللزوم لا بالدية قبل الحلول لأنها لم تثبت، ولهذا تسقط بطرو الموت والجنون بخلافها بعد الحلول لثبوتها في الذمة. ولا بالزكاة ولو بعد الحلول لعدم ثبوتها قبله، ولعدم الدين بعده كما اقتضاه كلام الأسنوي وابن المقري، لتعلقها بالعين شركة. والمعتمد الجواز بعد الحول كما في أصل الروضة، لأن الزكاة قد تجب في الذمة ابتداء كزكاة الفطر ودواما بأن تلف المال بعد الحول. وبتقدير بقائه، فالتعلق به ليس على سبيل الشركة الحقيقية لأن له أن يعطي من غيرها بغير رضا المستحقين قطعا فصارت الذمة كأنها منظور إليها. (و) يجوز (بالدين) الواحد (رهن بعد رهن) لأنه زيادة في الوثيقة ويصيران كما لو رهنهما معا. (ولا يجوز أن يرهنه المرهون) قال الشارح: بالنصب مفعول
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429