مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١١
لا يصح بيعه وحده مع وجود الشروط. أجيب بأنه إن أمكن إحداث حريم للملك فالوجه الصحة وإلا فالمنع راجع إلى عدم قدرة تسليمه كبيع بعض معين ينقص بالقطع. قال السبكي: والذي يتحرر من الشروط الملك والمنفعة فلا يشترط له غيرهما، وأما اشتراط الطهارة فمستفاد من الملك لأن النجس غير مملوك، وأما القدرة على التسليم والعلم به فشرط في العاقد، وكذا كون الملك لمن له العقد. ثم شرع المصنف في بيان الخمسة فقال: أحدها: (طهارة عينه فلا يصح بيع) نجس العين، سواء أمكن تطهيره بالاستحالة كجلد الميتة أم لا كالسرجين، و (الكلب) ولو معلما، (والخمر) ولو محترمة، لخبر الصحيحين: أنه (ص) نهى عن ثمن الكلب وقال: إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير وقيس بها ما في معناها. (و) لا بيع (المتنجس الذي لا يمكن تطهيره كالخل واللبن) والصبغ والآجر المعجون بالزبل لأنه في معنى نجس العين. أما ما يمكن تطهيره كالثوب المتنجس والآجر المعجون بمائع نجس فإنه يصح بيعه لامكان طهره. (وكذا الدهن) كالزيت إذ لا يمكن تطهيره، (في الأصح) لأنه لو أمكن لما أمر بإراقة السمن فيما روى ابن حبان: أنه (ص) قال في الفأرة تموت في السمن: فإن كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فأريقوه. والثاني: يمكن تطهيره بغسله بأن يوضع على قلتي ماء أو يصب عليه ماء يغمره ثم يحرك حتى يصل إلى جميع أجزائه. وهذه المسألة مكررة في كلام المصنف فإنه ذكرها في باب النجاسات. وظاهر كلامه صحة بيعه إذا قلنا أنه يطهر بالغسل وهو وجه، والأصح المنع لخبر الفأرة المتقدم، ويشكل الفرق بينه وبين الثوب المتنجس حيث صح بيعه قطعا. قال الرافعي: ويجري الوجهان في بيع الماء المتنجس، ومقتضاه المنع ، وبه صرح في المجموع. قال الأسنوي: ويلزم من منع بيع الآجر فساد بيع الدار المبنية به. وأجيب بأن البناء إنما يدخل في بيع الدار تبعا للطاهر منها كالحجر والخشب، فاغتفر فيه ذلك لأنه من مصالحها كالحيوان يصح بيعه وبباطنه النجاسة ، وينزل كلامهم على بيع الآجر منفردا. وفي هذا الجواب نظر كما قاله بعض المتأخرين، والأولى أن يقال صح بيعها للحاجة ، ويطرد ذلك في الأرض المسمدة بالنجاسة فإنه لا يمكن تطهيرها إلا بإزالة ما وصل إليه السماد، والطاهر منها غير مرئي.
قال الأذرعي: والاجماع الفعلي على صحة بيعها. ولو تصدق بدهن نجس لنحو استصباح به على إرادة نقل اليد جاز ، وكالتصدق الهبة والوصية ونحوهما ، وكالدهن السرجين والكلب ونحوهما. فائدة: سئل السبكي عن الوشم النجس الذي لا يمكن زواله من اليد هل يمنع صحة البيع كالأعيان التي لا يمكن تطهيرها؟ فقال: الذي أراه القطع بصحة البيع، وأن الوشم النجس لا يمنع من ذلك . تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن امتناع بيع ما لا يمكن تطهيره مفرع على اشتراط طهارة العين، وليس مرادا فإنه طاهر العين، ومع ذلك لا يصح بيعه، لذلك قال في الحاوي: طاهر أو يطهر بالغسل فلم يعتبر طهارة عينه، وإنما اعتبر أن لا يكون نجسا نجاسة لا تطهر بالغسل.
فروع: يصح بيع فأرة المسك بناء على طهارتها وهو الأصح، وبيع القز وفيه الدود ولو ميتا، لأن بقاءه فيه من مصلحته كبيع الحيوان وفي باطنه النجاسة، ويباع جزافا ووزنا كما صرح به في الروضة وغيرها، والدود فيه كنوى التمر. وظاهر أنه لا فرق في صحته بالوزن بين أن يكون في الذمة أو لا، وهو كذلك وإن خالف في الكفاية. ويجوز اقتناء السرجين وتربية الزرع به لكن مع الكراهة. ويجوز اقتناء الكلب لمن يصيد به، أو يحفظ به نحو ماشية كزرع ودرب، وتربية الجرو الذي يتوقع تعليمه لذلك، ولا يجوز اقتناؤه لغير مالك ماشية ليحفظها به إذا ملكها، ولا لغير صياد ليصطاد به إذا أراد كما صرح به في الروضة والمجموع. ولا يجوز اقتناء الخنزير مطلقا، ويجوز اقتناء الفهد كالقرد والفيل وغيرهما . الشرط (الثاني) من شروط المبيع: (النفع) أي الانتفاع به شرعا ولو في المآل كالجحش الصغير، (فلا يصح بيع) ما لا نفع فيه لأنه لا يعد مالا، فأخذ المال في مقابلته ممتنع للنهي عن إضاعة المال. وعدم منفعته إما لخسته ك‍ (الحشرات)
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429