مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٤
ومن ذلك ان كل مظهر لأمر ما كان ما كان لا يمكن ان يكون ظاهرا من حيث كونه مظهرا له، ولا ظاهرا بذاته ولا في شئ سواه، الا الذي ظهر بذاته في عين أحواله، وكان حكمها معه حكم من امتاز عنه من وجه ما، فصار مظهرا لما لم يتعين منه أصلا ولم يتميز، وهذا شأن الحق سبحانه، فله ان يكون ظاهرا حال كونه مظهرا ومظهرا حال كونه ظاهرا، وللكمل أيضا دون غيرهم من الموجودات منه نصيب.
ومن ذلك (1) انه لا يعلم شئ بغيره من الوجه (2) المغاير المباين ولا يعرف الواحد (3)

- منظور في النصوص للحبية والواو للحال والتنوين في (بظهور) للوحدة، أي كل ما هو السبب في وجود كثرة من حيث هو كذلك لا يتعين بظهور واحد معين، والحال من شأنه انه لا يبدو لناظر الا في جنس المنظور، واما ما في المفتاح فيجعل التنوين في (بظهور) وفي (منظور) كليهما للوحدة، ومن هذا يظهر من رفع التخالف بين كلاميه في النصوص أيضا - ش - فأقول: من جملتها ان كل ما هو سبب في وجود كثرة وكثير فإنه من حيث هو كذلك لا يمكن ان يتعين بظهور ولا يبدو لناظر الا في منظور (النصوص) قال المحشى على تعليقاته: في منظور، التنوين في منظور للجنس، يعنى ان الحقائق المجردة لا يبدو ولا يتميز للناظر في عالم الحس الا في جنس المنظور، أي الحقائق من حيث تجردها وكليتها وأحديتها لا يدرك ظاهرا، بل المدرك والمتميز من حيث الظاهر هو المظاهر والتعينات الخاصة والمنظورات الجزئية. قال في تفسير الفاتحة: للعلم الإلهي الذي هو النور نسبتان: نسبة ظاهرة، تفاصيلها الصور الوجودية والنور المنبسط على الأكوان المدرك في الحس المفيد تميز الصور بعضها عن بعض، هو حكم النسبة الظاهرة من حيث كليتها وأحديتها، وانما قلت حكم النسبة الظاهرة من أجل ان النور من حيث تجرده لا يدرك ظاهرا، وهكذا حكم كل حقيقة بسيطة، وانما يدرك النور من حيث تجرده لا يدرك ظاهرا، وهكذا حكم كل حقيقة بسيطة، وانما يدرك النور بواسطة الألوان والسطوح القائمة بالصور، وكذا سائر الحقائق المجردة لا يدرك ظاهرا الا في مادة انتهى كلامه. والظاهر أن الواو في قوله: ولا يبدو، للعطف، ويمكن ان يكون للحال أي لا يمكن ان يتعين بظهور خاص معين، والحال من شأنه انه لا يبدو لناظر الا في جنس منظور، وإذا عرفت ما ذكرنا ظهر انه لا تنافي بين ما قال الشيخ في هذا الكتاب، أي لا يبدو لناظر الا في منظور، وبين ما قال في مفتاح الغيب على ما في أكثر النسخ المعتبرة: ولا يتميز لناظر في منظور، فان معناه على ما في المفتاح: انه لا يتميز ولا يعرف في عالم الحس في منظور جزئي معين من جزئياته، بل في كل منظور على أن يكون التنوين في منظور للوحدة، كما في قوله: مظهر في الجملة الأولى، فعلى هذا يكون الجملة الثانية كالأولى في المفاد والمأخذ، فكأنها تأكيد الأولى، فافهم. وظهر لك أيضا عدم التنافي والمخالفة بين كلاميه في النصوص، إلى قوله: لا يتعين بظهور، وقوله: ولا يبدو لناظر الا في منظور، كما قد يتوهم في المقام، هذا ما استفدته، تدبر وتأمل لعلك ان تفهم مراد الشيخ فهم حق، فانى معترف بالعجز والقصور عن درك مرام أمثال الشيخ من الأكابر، سيما قد اتفقت هذه التعليقة منى من غير تأمل سابق وتدبر تام لا حق لضيق المجال وتفرق البال، والله أعلم بحقيقة الحال - ش (1) - أي ومن التمهيد الجملي - ش (2) - أي لا يثمر شئ ما يباينه ويضاده في الوجود الذهني العلمي كما مر سابقا: ان الشئ لا يثمر ما يضاده في الوجود العيني - ش (3) - هو من ثمرات ذلك التمهيد - ش
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست