فقهيات بين السنة والشيعة - عاطف سلام - الصفحة ٩٠
عمر نفسه عن اجتهاد محض منه من خلال نظرة مصلحية ارتآها إذ لا دليل على ذلك من الكتاب أو السنة.
ويمكن استنتاج ذلك من عدة أمور:
أولا: حديث جابر بن عبد الله إذ يقول: " كنا نستمتع " و " " فعلناهما " و " تمتعنا " فما معنى استخدامه " نا " الدالة على الفاعلين وعدم استخدامه " تاء الفعل " الدلالة على المفرد المتكلم؟ أنه يعني: أننا جيل الصحابة كنا نمارس المتعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وشطرا من خلافة عمر.
ثانيا: قول جابر: " حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حديث " وقوله:
" ثم نهانا عنهما عمر " فإنه قد نسب النهي إلى عمر نفسه مباشرة في شأن شخص بعينه ولو كان النهي من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقال: " ثم تبينا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان قد حرمه " أو غير ذلك مما يثبت النسبة اليقينية إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ثالثا: اعتراف عمر نفسه بأن النهي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل كان من قبله هو بدليل قيامه بنسبة النهي إلى نفسه حيث يقول: " وأنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما إحداهما: متعة النساء ولا أقدر على رجل تزوج امرأة إلى أجل غيبته بالحجارة " وقوله في حديث خولة بنت حكيم: " هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت " (أي: لو كنت تقدمت في النهي عنها لرجمت فاعلها) وهذا يثبت أن النهي كان من قبله ومع ذلك لم يرجم عمرو بن حريث ولا ربيعة بن أمية لأنه يعلم يقينا أنه لا يوجد نهي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنما هذا التوعد وتلك الشدة كانا من أجل تحقيق مصلحة اجتماعية ارتآها في النهي عن نكاح المتعة.
رابعا: لو كان النسخ - حقا - من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأين كان عمر نفسه أثناء خلافة أبي بكر كيما يصدع بهذا الناسخ الذي جهلته الأمة عن نبيها صلى الله عليه وآله وسلم ويعرفها وجهة الصواب إذ أن المتعة كانت تمارس بكل ارتياح
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست