دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٢٦١
وعن رواية الحبر قال الفقهاء: قوله - أي الراوي - جاء حبر بفتح الحاء وكسرها والفتح أفصح وهو العالم. وإنما كان يستعمل حينئذ في علماء اليهود.
وقوله إن الله تعالى يمسك السماوات يوم القيامة إلى قوله ثم يهزهن. هذا من أحاديث الصفات وفيها مذهبان التأويل والامساك عنه مع الإيمان بها مع اعتقاد أن الظاهر منها غير مراد. فعلى قول المتأولين يتأولون الأصابع هنا على الاقتدار أي خلقها مع عظمها بلا تعب ولا ملل (1)..
لقد نسي الفقهاء هدف الرواية بل نسوا أن الحبر هو القائل والرسول هو المتلقي والمؤكد لقول الحبر. هذا إذا أخذنا الأمر على المحمل الحسن. وبالطبع مقل هذا التصور لا يجوز في حق النبي (ص) فالرواية على ما هو واضح من نصها تؤكد فكرة التجسيم وهو ما نبرأ الرسول منه. وكان يجب على الفقهاء أن يشككوا في هذه الرواية لكونها جاءت على لسان أحد أحبار اليهود ولم تأتي على لسان الرسول. وإن تصديقها يعني تصديق التوراة التي يتكلم هذا الحبر بلسانها..
وهل يقبل أن يتحول الرسول المبعوث إلى متلقي من أحبار اليهود وفي مسألة تتعلق بصفات الله تعالى؟
أليس هذا الموقف يعني تشكيكا في شخصه وفي رسالته..؟
والرواية الرابعة التي تتحدث عن أطفال المشركين وعدم جزم الرسول (ص) بالحكم في مستقبلهم الجنة أم النار؟ بقوله " الله أعلم بما كانوا يعملون ".
يقول فيها الفقهاء: وحقيقة لفظه الله أعلم بما كانوا يعلمون لو بلغوا أو لم يبلغوا إذا التكليف لا يكون إلا في البلوغ (2)..
وقول الفقهاء هذا فيه تضليل وغفلة إذ أن الرواية تتحدث عن أطفال المشركين الذين يموتون صغارا قبل البلوغ لا الذين هم على قيد الحياة. وهم الذين لم يقطع فيهم الرسول بحكم حسب نص الرواية.

(1) مسلم. هامش كتاب صفة القيامة والجنة والنار..
(2) مسلم. هامش كتاب القدر..
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست