دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٢٦٠
يروى أن أم سلمة زوج النبي (ص) كانت تقول: أبي سائر أزواج النبي (ص) أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة. وقلن لعائشة والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله لسالم - الراضع - خاصة. فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا (1)..
ومثل هذا الموقف من قبل نساء النبي إنما يعكس عدم الرضا عن هذا الأمر وعدم قناعتهن به. وهو يشير من جهة أخرى إلى الشك في الرواية. إذ لو كانت صحيحة ثابتة عن الرسول ما اعترض عليها نسوته..
أما الرواية الثانية الخاصة بعثمان فقد قال الفقهاء فيها: قولها - أي عائشة - كاشفا عن فخذيه أو ساقيه. قال النووي هذا مما يحتج به المالكية وغيرهم ممن ليست الفخذ عورة. ولا حجة فيه لأنه مشكوك (أي شك الراوي) في المكشوف هل هو الساقان أم الفخذان فلا يلزم منه الجزم بجواز كشف الفخذ..
ويجوز أن يكون المراد بكشف الفخذ كشفه عما عليه من القميص لا من المتزر وهو الظاهر من أحواله (ص). والحديث فيه فضيلة ظاهرة لعثمان وجلالته عند الملائكة (2)..
هذا هو ما يعني الفقهاء من مثل هذه الروايات أن يسارعوا لاستنباط الأحكام الفقهية منها ثم يحتج بعضهم البعض على الآخر بما استنبطه منها..
ولا يعنيهم أن هذه الرواية تعري الرسول وتنافي الذوق والأعراف والتقاليد وإنما يعنيهم أن يشتقوا منها فضيلة لعثمان..
إن أقل ما يمكن أن تشير إليه هذه الرواية هو علو عثمان على أبي بكر وعمر الذي لم يبدي لهما الرسول أي احترام عند دخولهما عليه وأبدى الاحترام كله لعثمان وهو ما لفت نظر عائشة. وهذا العلو الذي جاء على حساب النبي (ص) جاء علي حساب أبي بكر وعمر أيضا. وهو ما يقع القوم في تناقض إذ أن عقيدة الفقهاء تنص على تقديم أبي بكر وعمر على عثمان..

(١) مسلم. باب رضاعة الكبير..
(٢) مسلم. هامش كتاب الفضائل. باب من فضائل عثمان..
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست