دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٢٦٢
وموقف الرسول هذا يضعنا بين أمرين:
إما أن نحكم بجهله وهذا لا يصح في حقه (ص)..
وإما أن نحكم ببطلان الرواية. وهو ما يجب اختياره بلا شك إذ أنه لا يعقل أن يصدر مثل هذا الحكم من الرسول الذي يتابعه الوحي..
أما رواية أكل الرسول (ص) مما ذبح على النصب فهي من سفه القوم وضلال عقولهم إذ يربطونها بمرحلة ما قبل البعثة أي مرحلة ما قبل العصمة. وإذا صح هذا التصور فعلى أي أساس اختير الرسول لتبليغ الرسالة وهناك من هو أكفأ وأعلم منه بالتوحيد والشرك وهو زيد بن عمرو بن نفيل..؟
لقد أباح القوم لأنفسهم الخوض في شخص الرسول على أساس أنهم يخوضون في جانبه غير المعصوم. وعلى هذا الأساس قبلوا مثل هذه الروايات وباركوها وهم لا يشعرون أن هذا التقسيم غير المبرر لشخص الرسول يلحق أكبر الضرر به وبالرسالة التي جاء بها..
والقوم يروون الرواية بصيغة أخرى تجمع بين الرسول (ص) وبين أبي سفيان على مائدة واحدة تحوي ما ذبح على النصب ومر عليهما زيد بن عمرو فدعواه إلى الغداء فقال يا ابن أخي إني لا آكل مما ذبح على النصب. قال الراوي وهو أبو هريرة: فما رئي الرسول من يومه ذاك يأكل مما ذبح على النصب حتى بعث (1)..
كيف تستقيم مثل هذه الروايات مع كون أن الرسول لم يسجد لصنم وكان يتعبد في غار حراء قبل بعثته..؟
هل مثل هذا الموقف يدل على علم..؟
والرواية السادسة التي تتحدث عن الرسول وقد دخل الصلاة وهو جنب فهي من شر البلية وزيادة الطين بلة. وهو أمر ليس بالغريب على قوم ينسبون لرسولهم نسيان القرآن الذي جاء به..

(1) البخاري كتاب الذبائح. ومسند أحمد ج‍ 1 / 189..
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست