دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٢٦٥
الدنيا لا برأيه في أمر الشرع على القول إن له أن يحكم باجتهاده. فإن رأيه في ذلك يجب العمل به لأنه من الشرع. ولفظ الرأي إنما أتى به عكرمة - الراوي - على المعنى لا أنه لفظ (ص) (1)..
ومثل هذا التبرير من قبل الفقهاء أحرج الرسول زيادة على الحرج الذي وضعته في الرواية. فهو تبرير يقوم على أساس الجانب غير المعصوم من شخصية الرسول حسبما يعتقدون فمن ثم فإن مقل هذا الموقف من الرسول لا حرج فيه من وجهة نظرهم للرسول أو للرسالة..
إلا أن بالتأمل في روايات تأبير النخل يتبين أن الأمر يختلف عن ذلك تماما وأن تبريرات الفقهاء لا تخرج عن كونها محاولة لتسطيح الأمر والتمويه على حقيقته ففي ظل فكرة بشرية الرسول (ص) تم تمرير الكثير من المواقف والممارسات التي تتعلق بالنساء وبالصحابة وبالاجتهاد على أنها مواقف وممارسات مقبولة لكونها تتعلق ببشرية الرسول لا بنبوته. وقد فات الفقهاء أن هذا التقسيم لشخص الرسول من شأنه أن ينعكس على الأحكام والرسالة بشكل عام لا على شخص الرسول فقط..
وفيما يتعلق بروايات تأبير النخل فإن الشك يحيط بها لما يلي:
أولا: أنها تشير إلى جهل الرسول بمسألة تلقيح النخل وهذا أمر غير مقبول عقلا. لأن الرسول من بيئة عربية تعيش على التمر واللبن ولا يعقل أن يكون فيها من لا يفقه في أمر النخل..
ثانيا: إننا إذا ما سلمنا بصحة الرواية ففضلا عن كونها تتهم الرسول بالجهل في أمر دنيوي بين. فهي تتهمه أيضا بالتطفل والتدخل فيما لا يعنيه وهو ما لا يجوز في حق نبي..
ثالثا: إن مثل هذا الموقف من النبي - على فرض التسليم بالرواية - من شأنه أن يفتح باب الشك في شخصه ودعوته. وهذا ما دفع بالفقهاء إلى ربط هذا

(١) مسلم. هامش كتاب الفضائل. باب وجوب امتثال ما قاله شرعا..
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست