دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٢٥٤
إن الرواية كمضمون ليست في صالح عمر كما أنها لا تشير إلى نزول آية الحجاب موافقة لموقفه. فسلكوه كما تشير الرواية يتجاوز حدود الأدب مع نساء النبي. فهو يعترض طريقهن ليلا ويؤذيهن بلسانه.. ويهددهن مما يبرهن على أن موقفه لا ينم عن علم أو وعي بقدر ما يبرهن عن سلوك غير متحضر..
والرواية من جانب آخر تحط من قدر الرسول وتصور مر كموجه له يذكر بإهماله نساءه وترك الحبل لهن على الغارب بينما الرسول لا يعبأ بنصحه وجاء الفقهاء بتأويلاتهم وتبريراتهم ليؤكدوا هذا السلوك المشين من قبل عمر ويؤكدوا مهانة الرسول وجهله وإهماله وتفوق عمر عليه الذي لاحظ نظرات الأجانب لنساء النبي ورصد حركاتهن من قبلهم فنفر قلبه من ذلك بينما الرسول لم يحرك ساكنا..
فهل بعد هذا كله يصح أن يقال إن هذا السلوك من قبل عمر يعد منقبة عظيمة له..؟
وأن يستنبط من هذا السلوك منهج لدعوة الكبار وأهل الفضل ونصحهم..؟
أما موافقة عمر لمسألة الصلاة على عبد الله بن أبي بن سلوك فهي تقودنا إلى نتائج أدهى وأمر وأهم ما نخرج به من هذه القصة هو زيادة اليقين ببطلان مثل تلك الروايات..
إن رواية صلاة الرسول (ص) على ابن سلول وموقف عمر تنطق بالوضع فهي تصرح بالنهي عن الصلاة على المنافقين على لسان عمر من قبل أن ينزل نص التحريم..
فمن أين علم عمر بأمر النهي..؟
هل كان عمر يعلم الغيب. أم هو على اتصال بالوحي (1)..؟
وهذه النتيجة في ذاتها كافية لضرب الرواية بل روايات موافقات عمر. بل عمر ذاته. فالدخول في تفاصيلها ينسفه نسفا. إذ أن جذبه الرسول من ثوبه هذه وحدها طامة كبرى. ومجادلته الرسول أشد نكالا.. هذا بخصوص عمر..

(1) قال القرطبي: لعل ذلك وقع في خاطر عمر فيكون من قبيل الالهام. أنظر فتح الباري ح‍ 8 / 269..
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست