الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٩١
إلى ما هو أبعد منها.
يرى أن الكهنوت يبلغ الكمال على وجه تام في المسيح الممجد على أثر آلامه: فالمسيح الممجد، ابن الله وأخو الناس، يضمن للناس الدخول إلى جوار الله، فهو إذا عظيم الكهنة. يخلف كهنوته كهنوت هارون (5 / 4 - 5)، ولكنه يتخطاه. فقد شهد المزمور 10 أن الله أراد إقامة كاهن من نوع جديد على رتبة ملكيصادق (7 / 1 - 28). إن موت يسوع وتمجيده هما ذبيحة حقيقية، لا بل يجب القول أنهما الذبيحة الحقيقية الوحيدة التي جاءت لتحل محل جميع الذبائح القديمة، فقد كانت هذه الذبائح لا تتناول سوى أمور الأرض. كانت طقوسا مصطنعة، فلم يكن لها أن تطهر ضمير الإنسان في أعماقه (9 / 9 و 10 / 1 - 4) ولا أن ترفع الإنسان إلى الله، في حين أن موت المسيح هو تقدمة شخصية كاملة (9 / 14). إنها تتناول الإنسان كله وتخضعه لمشيئة الله (5 / 8 و 10 / 9 - 10)، وهي بذلك تجدده برمته، وتقيمه في مودة الله. لقد أصبح المسيح بموته الكاهن السماوي (9 / 24) وطهر الناس من الخطايا وأقام عهدا جديدا أبديا (9 / 15 و 13 / 20). ولقد ضمن لنا دمه حرية الدخول إلى جوار الله (10 / 19)، وذلك كله هو من عمل الله وعطاء يجريه على الناس. فهو الله الذي حقق في ابنه ذلك التحول في الإنسان رأسا على عقب (2 / 10).
[المنزلة المسيحية] إن المنزلة المسيحية رهينة، قبل كل شئ، بهذه الصلة الكهنوتية التي تصلها بالله. ما كانت رتبة التكفير القديمة (أح 16) تمثله تمثيلا مسبقا فحسب، في محاولات عاجزة عن بلوغ الغاية المنشودة (عب 9 / 9 و 10 / 1)، قد أصبح في ذبيحة المسيح الوحيدة حقيقة راهنة. " لنا كاهن عظيم " (18 / 1 وراجع أيضا 4 / 14 - 15 و 10 / 20)، كاهن عظيم كامل، دخل القدس مرة واحدة (9 / 12)، وهو يمثلنا منذ اليوم لدى الله (7 / 25 و 9 / 24). ولقد شق لنا الطريق، ونحن مدعوون لأن نقتفي آثاره فنقترب من الله بكل ثقة، فقد أزيلت الخطيئة (9 / 26 و 10 / 12) وقضي على العدو (2 / 14) وتم الفداء الأبدي (9 / 26 و 10 / 12). للمسيحيين منذ اليوم نصيب في خيرات العالم الآتي (6 / 4 - 5)، وقد حصلوا على الملكوت الأبدي (12 / 28). فلقد بدأت الأيام الجديدة (1 / 2 و 9 / 26).
ولا يعني ذلك أنهم قد بلغوا الغاية، فإن دعوتهم السماوية (3 / 1) لم تتحقق حتى اليوم على وجه تام، فلا يزالون يعيشون في الأرض، وليس لهم فيها مدينة ثابتة. وهم يسعون إلى مدينة المستقبل (13 / 14). إنهم ينتظرون أن يظهر مخلصهم ثانية (9 / 28) ويشعرون بأن يوم الرب يقترب (10 / 25 و 37)، ولكنهم لا ينعمون حتى الآن بنوره كله.
علاقتهم بالله عن يد المسيح حقيقية وثيقة، ولكنها تأتيهم في الإيمان، فبالإيمان فقط يدخلون منذ اليوم راحة الله (4 / 3). وإذا جعلوا سبيلا لدخول الشك إلى قلوبهم، فقد انفصلوا عن المسيح (3 / 14) وعن الله (3 / 12 و 10 / 38) واستأهلوا الهلاك (10 / 39). يجمع الكاتب في طريقة كلامه على الإيمان بين نظريتين مختلفتين بعض الشئ، إحداهما يصبغها العقل أكثر من الأخرى
(٦٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 686 687 688 689 690 691 692 693 694 695 696 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة