الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٨٨
الآيات 13 / 22 - 25 هي خاتمة رسالة يجد فيها القارئ بضع كلمات فيها أخبار، وأرسلت إلى أناس يقيمون في مكان آخر، ثم التحيات المألوفة وكلمة تمن. ولكن، قبل هذه الخاتمة، التي لا تجانس لهجتها البتة لهجة الاستهلال، نلاحظ جملة فخمة (13 / 20 - 21) هي خاتمة للكلام حقيقية، وقد دعا ذلك إلى التمييز في المؤلف الذي في أيدينا بين عظة جعلت لكي تلقى مشافهة من جهة (1 / 1 - 13 / 21) وبطاقة قصيرة أضيفت إليها من جهة أخرى (13 / 22 - 25). ويسوغ الاعتقاد بأن العظة ألقيت حقا أمام جماعة من المؤمنين في مكان واحد أو عدة أماكن، ثم أرسلت بعد ذلك مكتوبة إلى مسيحيين آخرين. فبعث إليهم عندئذ ببضعة كلمات فيها أخبار وتحيات، ولا يتعذر أن تكون العظة والبطاقة من كتابة يدين مختلفتين. فإذا كان إنشاء العظة ينفي نسبتها إلى الرسول بولس، فلا يمكن قول مثل ذلك في البطاقة.
[المرسل إليهم] ليس في المؤلف أية إشارة واضحة إلى الذين أرسل إليهم. فليس العنوان " إلى العبرانيين " شيئا من النص. إنه قديم، ولكن يرجح أنه انتقي لما أدرج النص في مجموعة تضم عدة رسائل. ومعناه غير واضح. فقد استنتج منه بعض المفسرين الأقدمين أن الذين أرسل إليهم هم من أصل يهودي يسكنون فلسطين ويتكلمون العبرية. إن هذا الرأي لم يبق مقبولا في أيامنا، لأن جميع المفسرين يعترفون بأنه ليس في اللغة اليونانية التي بها كتبت الرسالة ما يوحي بأنها يونانية مؤلف ترجم.
ذهب بعض المفسرين المحدثين إلى أن الرسالة وجهت إلى يهود غير مسيحيين، وبعبارة أوضح، إلى أعضاء من شيعة قمران. هذا الافتراض بعيد الاحتمال، فإن الرسالة لا تدعو إلى الاهتداء، بل إلى الثبات والتقدم في الإيمان (3 / 6 و 5 / 12 و 6 / 9 - 12 الخ..). يضاف إلى ذلك أنه، إذا كان لها صلات بالمؤلفات التي عثر عليها في قمران، فإن لها أيضا صلات مدهشة بالديانة اليهودية الهلينستية، وقد بدا لبعضهم أنه اكتشف فيها فوق ذلك تأثيرا للتعاليم الغنوصية. يتبين من مختلف هذه المقارنات كلها أن الرسالة استفادت من تربة غنية جدا. فالبيئة التي حررت فيها ظلت معرضة لمختلف التأثيرات وهي تخاطب جماعات مسيحية لم تكن نشأتها حديثة (5 / 12 و 13 / 7)، وإن لم يرجع عهدها إلى أول أيام الكنيسة في فلسطين (راجع 2 / 3). فقد عقب سخاء البداءة (6 / 10 و 10 / 32 - 34) شئ من الاعياء (5 / 11 و 10 / 25 و 12 / 3): توقعوا مصاعب جديدة فتعرضوا لتجربة خور الهمة (10 / 35 - 36 و 12 / 4 و 7). ولا شك أنه يضاف إلى ذلك كله خطر الضلال في أمور للعقيدة لها صبغة يهودية (13 / 9). وعلى كل حال، يبدو التأثير اليهودي المسيحي في هذه الجماعات شديدا.
[الظروف والتاريخ لكتابة الرسالة] تشير خاتمة الرسالة إلى ظروف من واقع الحال، ولكن على نحو غامض جدا، حتى أنه لا يسعنا أن نحدد لها زمانا أو مكانا. فأين ومتى أخلي سبيل طيموتاوس؟ من أي شئ أخلي سبيله؟ لا ندري.
(٦٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 683 684 685 686 687 688 689 690 691 692 693 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة