الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٨٦
عمل بولس ولا من عمل أي رسول آخر. ومع ذلك، أعجب كثيرا بحسن استعمال الكاتب المجهول للأسفار المقدسة، ولكنه رأى أن هناك عدة فقرات عسيرة. فالرسالة تنكر أنه يمكن الذين سقطوا في الخطيئة بعد العماد أن يتوبوا (6 / 4 - 6 و 10 / 26 و 12 / 17). ولذلك عرض لوثر الرأي أن الرسالة إلى العبرانيين مؤلف خليط.
أما كلفين فإنه لم يظهر أي تحفظ كان، بل أعلن أن الرسالة إلى العبرانيين هي جزء من الأسفار الرسولية على وجه لا جدال فيه، ونسب إلى حيلة شيطانية أنه طعن في سلطة الرسالة في الماضي، ولكنه لم يعدها مع ذلك من عمل بولس.
وظهر بعدئذ في تفسير البروتستانت شئ من تنوع الآراء. ففي القرن السابع عشر كان ما يشبه الإجماع على أن الرسالة لبولس، ثم رجح الرأي المضاد لذلك.
إن السلطة المعلمة في الكنيسة الكاثوليكية، وهي أشد تعلقا بالتقليد، اهتمت بالدفاع عن صحة نسبة الرسالة إلى بولس. ولكن تجب الإشارة إلى أن المجمع التريدنتيني أبى أن يلفظ رأيه صراحة في مسألة صحة نسبة الرسالة إلى بولس، الأمر الذي أتاح الفرصة السانحة لهذا المفسر الكاثوليكي أو ذاك ليؤكد أن الكاتب هو تلميذ لبولس أتى بعمل مبتكر. ولما قامت المناقشات في أول القرن العشرين، حظرت اللجنة الكتابية الرومانية على الكاثوليك إنكار أن الرسالة هي في أصلها لبولس، وقبلت في الوقت نفسه القول القائل بأن الذي أنشأها هو غير بولس. إن المفسرين الكاثوليك في العصر الحديث يفهمون النسبة إلى بولس بالمعنى الواسع: فإن واحدا من أكثرهم علما يرى أن أبلس هو الذي ألف الرسالة بعد استشهاد بولس.
[مسألة صحة الرسالة] لا شك أن الأدلة التي تنقض صحة نسبة الرسالة إلى بولس هي كثيرة. ذلك بأن الأسلوب العام للرسالة إلى العبرانيين لا يوافق البتة طبع الرسول بولس. فالإنشاء هادئ والتأليف منتظم وشخصية الكاتب مفرطة في التواري (2 / 3). وتلاحظ فروق كثيرة في الألفاظ والتراكيب المستعملة، بل حتى في طريقة تفهم سر المسيح.
فمن العبث أن يبحث المرء في الرسالة إلى العبرانيين عن التسمية " المسيح يسوع " أو عن العبارة " في المسيح "، وما أكثرها عند بولس. أما الشواهد من العهد القديم، فلا يؤتى بها على أنها من " الكتب " و " كتب " و " قال الكتاب "، بل على أنها أقوال: " قال ". وتكلم الكاتب مرات كثيرة على تنصيب المسيح في السماء، ولكنه تكلم مرة واحدة فحسب على قيامته من بين الأموات (13 / 20). وحتى في تلك الآية لم يستعمل عبارة مألوفة. إن عرضه للمسيح الكاهن فريد في العهد الجديد كله. وبموجز العبارة، إننا تجاه شخص يختلف كثيرا عن شخص بولس.
بلغ الأمر ببعضهم إلى إنكار كل علاقة بين مضمون الرسالة وفكر بولس. هذه مبالغة ظاهرة:
فبوسع المرء أن يلاحظ صلة قرابة واضحة جدا بين الرسالة إلى العبرانيين وتعليم بولس في عدة أمور رئيسية:
(٦٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 681 682 683 684 685 686 687 688 689 690 691 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة