الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٨٥
لنص أنشأه بولس بالعبرية (راجع أوسابيوس، التاريخ الكنسي). ورأى في إنشائه إنشاء لوقا، وبعد قليل، أشار أوريجينس على نحو أوضح إلى هذا الفرق، فقال إن الأفكار تليق بالرسول، ولكن من البين أن التأليف ليس تأليفه: إن الرسالة إلى العبرانيين هي عمل بعض تلاميذ بولس عبر تعبيرا أمينا، ولكن نحو خاص به، عن تعليم معلمه. من كان ذلك التلميذ؟ اعترف أوريجينس أنه لا يعرفه (أوسابيوس، التاريخ الكنسي). إلا أن جهله لذلك لا يمس تقبله لهذا النص من الكتاب المقدس.
وهناك مفسرون شرقيون آخرون. أقل اهتماما من أوريجينس بالمشكلة الأدبية، اكتفوا بالتأكيد أن الرسالة تعود في مصدرها إلى بولس كما ضمنها تقليد كنائسهم.
أما في الغرب، فقد اختلفت الحالة عما هي في الشرق. عرفت الرسالة منذ آخر القرن الأول، فقد استعملتها رسالة اقليمنضس الروماني إلى كنيسة قورنتس على نحو ظاهر. ومع ذلك لم تقبل بغير تحفظ. ودعت الشكوك في صحة نسبتها إلى بولس إلى التردد في أنها مؤلف ملهم. واستعملتها بعض الشيع، فنجم عن ذلك أن تضاعف الارتياب فيها. استعمل الفصل السابع لدعم بعض النظريات الغريبة في شأن ملكيصادق، واستند المتشددون إلى عب 6 / 4 - 6 و 10 / 26، ليمسكوا الغفران عن المسيحيين الذين ارتدوا عن الإيمان في أثناء الاضطهاد. واتخذ أتباع آريوس مما ورد في 2 / 3 دليلا ليؤكدوا أن الكلمة خليقة، فنجم عن ذلك أن الرسالة لم تقرأ في الكنائس في آخر القرن الرابع.
ولاحظ هيرونيمس من عنده أن الرومانيين لم ينسبوا الرسالة إلى القديس بولس، ولم يكن هو بنفسه يولي مسألة صاحب الرسالة سوى أهمية ثانوية، فإن تقليد الكنائس اليونانية، الذي كان يشهد دائما أبدا أن هذا المؤلف جزء من الأسفار الملهمة، كان في نظره ضمانا حاسما. وذلك كان أيضا رأي القديس أوغسطينس. ولما أنشئت جداول " قانون الكتب " في آخر القرن الرابع، وضعت حدا لكل تردد، لأنها ذكرت فيها الرسالة إلى العبرانيين صراحة. ولكن هذه الجداول ضمت الرسالة إلى رسائل بولس، فكانت النتيجة أنها ساعدت الاتجاه الذي ينسب الرسالة إلى بولس. وفي القرون الوسطى، اتخذ التفسير موقفا أشبه بموقف اقليمنضس الإسكندري، وهو أن الرسالة إلى العبرانيين رسالة لبولس نقلها لوقا نقلا أمينا بعد وفاة الرسول.
[في زمن الاصلاح] عادت المناقشات في عصر النهضة، فكان لها صدى في التفسير الذي كتبه لوثر لهذه الرسالة في السنتين 1517 - 1518. فهو يشرح النص شرحه لنص للرسول، لا بل فيه الأساس الذي عليه يقوم تعليم بولس: " في هذه الرسالة يشيد بولس بالنعمة وينقض كبرياء البر البشري، البر بحسب الشريعة ". ولكنه لاحظ مع ذلك أن جملة كالتي وردت في عب 2 / 3، وفيها جعل الكاتب نفسه في عداد الذين تقبلوا الإنجيل عن يد التلاميذ، هي حجة قوية جدا على أن الرسالة ليست لبولس. فإن ما قاله في رسالته إلى أهل غلاطية يختلف تماما عما في هذه الرسالة. ومع ذلك فقد رأى لوثر في عب 13 / 19 برهانا يؤيد صحة نسبة الرسالة إلى بولس، لأن هذه الآية تشير إلى أسر بولس.
ولما قدم لوثر ترجمته للعهد الجديد بعد بضع سنوات، حدد موقفه فقال إن الرسالة ليست من
(٦٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 680 681 682 683 684 685 686 687 688 689 690 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة