الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٩٩
3 فإننا نحن المؤمنين ندخل الراحة، على ما قال: " فأقسمت في غضبي أن لن يدخلوا راحتي " (4). أجل، إن أعماله (5) قد تمت منذ إنشاء العالم. 4 فقد قال في مكان من الكتاب في شأن اليوم السابع: " واستراح الله في اليوم السابع من جميع أعماله ". 5 وقال أيضا في المكان نفسه: " لن يدخلوا راحتي ". 6 ولما ثبت أن بعضهم يدخلونها، والذين بشروا بها أولا لم يدخلوا بسبب عصيانهم، 7 فإن الله عاد إلى توقيت يوم هو " اليوم " في قوله بلسان داود، بعد زمن طويل، ما تقدم ذكره:
" اليوم، إذا سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم " (6). 8 فلو كان يشوع قد أراحهم، لما ذكر الله بعد ذلك يوما آخر (7). 9 فبقيت إذا لشعب الله راحة السبت، 10 لأن من دخل راحته يستريح هو أيضا من أعماله كما استراح الله من أعماله (8). 11 فلنبادر إلى الدخول في تلك الراحة لئلا يسقط أحد لاتباعه هذا المثال من العصيان (9).
[كلام الله والمسيح الكاهن] 12 إن كلام الله حي ناجع، أمضى من كل سيف ذي حدين (10)، ينفذ إلى ما بين النفس والروح (11)، وما بين الأوصال والمخاخ، وبوسعه أن يحكم على خواطر القلب وأفكاره، 13 وما من خلق يخفى عليه (12)، بل كل شئ عار مكشوف لعينيه، وله يجب علينا أن نؤدي الحساب.
14 ولما كان لنا عظيم كهنة قد اجتاز السماوات، وهو يسوع ابن الله، فلنتمسك بشهادة الإيمان (13). 15 فليس لنا عظيم كهنة لا يستطيع أن يرثي لضعفنا: لقد امتحن في كل

(4) مز 95 / 11 وراجع عب 3 / 11 و 4 / 5.
(5) تك 2 / 2. إن المقارنة ب‍ تك 2 / 2 تمكن الكاتب من تقصي معنى عبارة المزمور. فقد تدل هذه العبارة على سعادة أرضية يباركها الله. والكاتب يصلها بحياة الله نفسها، الأمر الذي يوحي بتفسير " سماوي " (راجع 3 / 1).
(6) مز 95 / 7 - 8 وراجع عب 3 / 7 - 8 و 15.
(7) كان دخول أرض كنعان، بحسب نظرة مألوفة، دخولا في الراحة (راجع يش 21 / 44 و 22 / 4 و 23 / 1).
والكاتب يتجاوز هذه النظرة بتفكير تفسيري دقيق.
فالمزمور، وقد وضع بعد الدخول إلى الأرض بزمن طويل، يعد ضمنا راحة الله هدفا لم يدرك إلى ذلك اليوم. فيستخلص الكاتب من ذلك أن دخول كنعان لم يكن دخولا في راحة الله، بل كان صورة سابقة له.
(8) كثيرا ما عد هذا النص تلميحا إلى دخول كل مسيحي إلى السماء، فكم بالأحرى أن دل على دخول المسيح نفسه إليها (راجع 4 / 14 و 9 / 24) وعلى راحته (راجع 10 / 11 - 13).
(9) أو " لئلا يقع أحد من جراء مثل ذلك العصيان ".
(10) ينتهي التحذير من قلة الإيمان بالتذكير بما في كلمة الله من وجه قضائي (راجع يو 12 / 48).
(11) يميز الكاتب بين " النفس "، مبدأ الحياة الطبيعية والنفسية، و " الروح "، مبدأ الحياة الروحية (راجع 1 تس 5 / 23 و 1 قور 2 / 14 و 15 / 45 - 46).
(12) قد تعود الضمائر الواردة في الآية 13 إلى الله، لا إلى الكلمة. فاللفظان في اليونانية هما في صيغة المذكر، ومن هنا شئ من الابهام في الجملة.
(13) يقول الكاتب تارة أن المسيح ذهب فجلس " في " السماوات (8 / 1 و 9 / 24 وراجع مز 11 / 4 و 1 مل 8 / 30 - 39) وتارة أنه " اجتاز " السماوات (هنا وفي 7 / 26 وراجع مز 8 / 2 و 113 / 4). هذا التنوع في العبارات دليل كاف على أنه يجب ألا تفهم على وجه مادي بمعنى رحلة في الكون (عن السماء الكونية، راجع 1 / 10 - 12 و 12 / 26 - 27)، بل المراد بها التعبير عن تمجيد المسيح القائم من الموت، وهو من النوع الروحي (راجع 1 قور 15 / 44 - 45). وهذا التمجيد عند الله يولي المسيح سلطة تامة ويجعل للإيمان سندا متينا جدا (راجع 3 / 1 - 6).
(14) إن المحن الأرضية التي عاناها يسوع جعلته قريبا من البشر، وعليها تقوم ثقتهم. ولم تبعده عن الله، بل رفعته إلى الله، لأن يسوع لم يستسلم إلى الخطيئة (راجع 7 / 26 و 9 / 14 ويو 8 / 46 و 2 قور 5 / 21 و 1 يو 3 / 5). ولما كان المسيح الممجد قريبا من البشر وقريبا من الله، أصبح عظيم الكهنة الكامل.
(٦٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 694 695 696 697 698 699 700 701 702 703 704 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة