شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٤٩
وزيادته، فكلما كانت العبودية أقوى كان الشرف أعلى، ومن هنا يظهر جليا أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم إنما ساد الخلق على الإطلاق بعد الملك الخلاق بعلو درجته وارتفاع نزلته وسمو مرتبته في العبودية لله تعالى فهو العبد الخالص الذي لم يشم رائحة الألوهية وكذلك سائر الأنبياء ووراثهم الأولياء إلا أنه صلى الله عليه وسلم أمكنهم في ذلك، وقد حماه الله تعالى من أن يدعى فيه الألوهية أحد من الناس كما ادعوها في سيدنا عيسى عليه السلام وعلي رضي الله عنه مع أنه صلى الله عليه وسلم قد ظهر له من المعجزات والفضائل وخوارق العادات ما لم يشاركه فيه أحد، وهذه أمته صلى الله عليه وسلم مع شدة محبتها له أكثر من محبة سائر الأمم لأنبيائهم لم نسمع بأحد قط منهم ادعى فيه صلى الله عليه وسلم الألوهية من عهده إلى الآن. فتبين أن المحاذير التي تخيلها ابن تيمية وجماعته لا يلتفت إليها ولا يعول عليها على أنه لم يحصل على شئ منها، وإنما هي مجرد خيالات وأوهام لا ينبني عليها أحكام، والأحاديث التي استدلوا بها لذلك إنما حملوها على غير محاملها كما ذكره العلماء ونقلته عنهم في مواضعه من هذا الكتاب.
(فائدة مهمة) قال العارف الكبير الشهير سيدي عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه في [المنن الكبرى]: سمعت سيدي عليا الخواص رضي الله عنه يقول: إياكم أن تسألوا في حوائجكم الأولياء الذين ماتوا فإن غالبهم لا تصرف له في القبر، وأما غير الغالب:
كالإمام الشافعي رضي الله عنه، والإمام الليث رضي الله عنه، وسيدي أحمد البدوي رضي الله عنه وأضرابهم فربما جعل الله تبارك وتعالى لهم التصريف في قبورهم بحسب صدق من توجه إليهم. قال: أي الخواص رضي الله عنه، وقد استدارت أبواب جميع الأولياء رضي الله تعالى عنهم لتغلق وما بقي مفتوحا إلا باب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وزاده فضلا وشرفا لديه، فمن كان له حاجة فليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة بتوجه تام، ثم يسأله في قضاء حاجته فإنها تقضى إن شاء الله تعالى.
(تتمة: أذكر فيها كلام بعض أئمة العلماء والأولياء في زيارة قبور الصالحين والانتفاع بزيارتهم وصفاء أرواحهم بعد مماتهم) قال سيدي العلامة السيد أحمد دحلان رحمه الله تعالى في كتابه [تقريب الأصول لتسهيل الوصول] قد صرح كثير من العارفين أن الولي بعد وفاته تتعلق روحه بمريديه فيحصل لهم ببركته أنوار وفيوضات. قال: وممن صرح بذلك قطب الإرشاد سيدي عبد الله بن علوي الحداد، فإنه قال رضي الله عنه: الولي يكون اعتناؤه بقرابته واللائذين به بعد موته أكثر
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»