شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٤٤
الأعلام فضلا عمن سواهم من الخواص والعوام، وهذا وحده كاف لظهور أن الحق مع السواد الأعظم الذي يجب اتباعه عند وقوع الخلاف كما ورد عن الشارع صلى الله عليه وسلم لامع تلك الشر ذمة الشاذة.
وقد ورد في الحديث عن النبي المختار " من شذ شذ في النار " وكل عاقل صحبه أدنى توفيق إذا أعمل فكره قليلا يدرك أن الحق الواضح مع أولئك الجماهير والخطأ الفاضح مع ذلك النزر القليل مع أن ما قاله جماهير العلماء وعملوا به وشنعوا على مخالفه وعليه عمل الأمة من جواز الاستغاثة به والسفر لزيارته صلى الله عليه وسلم فيه تعظيمه وتوقيره صلى الله عليه وسلم الذي نحن مكلفون به شرعا من جانب الله تعالى تكليفا لا مندوحة عنه بل لا يصح ولا يتم الإيمان إلا به كما ورد ذلك في الكتاب والسنة واستفاض بين الأمة وما زعمته تلك الشر ذمة الشاذة فيه عدم الرعاية لجنابه الشريف وقدره المنيف صلى الله عليه وسلم، ولا ينفعهم ما يلقونه من الأوهام، ويغالطون به أنفسهم، ويلبسون به على العوام مما تأباه ذوو الأحلام، وتجل عن محاسن دين الإسلام، من أن ذلك شرك في تعظيم الملك العلام سبحانه وتعالى، فإن ذلك دليل على قصور الأفهام التي لبس عليها الشيطان وحيرها في هذا الشأن، حتى جعلهم يستنبطون في ذلك بحسب أوهامهم أحكاما تأباها هذه الشريعة السمحة، التي ليلها مثل نهارها، ولا يضل فيها إلا ضال، ويفهمون من بعض آياتها وأحاديثها عكس مقصود الشارع، ولا سيما فيما يتعلق بسيد الوجود وصاحب المقام المحمود صلى الله عليه وسلم، ويلبسون بذلك على الخلق، ويعتقدون خلاف الحقيقة والحق، ويخالفون هذه الأمة المحمدية التي لا تجتمع على ضلالة، وقد ألهمها الله تعالى بفضله رشدها وهداها إلى معرفة درجات التعظيم الواجب الله تعالى، وسادات عبيده الكرام الذين اصطفاهم من الأنام، ولا سيما حبيبه الأعظم صلى الله عليه وسلم، ولا يشك عاقل بأن تعظيم خواص عبيد الله وأصفيائه من الأنبياء والأولياء في حياتهم وبعد مماتهم هو في الحقيقة تعظيم لله تعالى، ولا يفهم موفق أن في ذلك شركا مع الربوبية لأنهم عبيدة الطائعون وخدامه الصادقون، الذين قضوا أعمارهم في خدمته كما يحب ويرضى سبحانه وتعالى، وكانوا الوسائط بينه وبين خلقه في إرشادهم وهدايتهم وتبليغهم شرائعه وتعريفهم دينه وكيفية عبادته وما يجب له تعالى من أوصاف الكمال وما يستحيل عليه من أوصاف النقص، وبذلك امتازوا عن سائر عبيده عز وجل، وصاروا أقربهم وأحبهم إليه، فاستحقوا بذلك أن معظمهم الناس لا لذاتهم بل لعلمهم أن تعظيمهم إياهم هو من أجل تعظيم الله لهم، لهو
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»