شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٤٠
انتسب إليه شخص في غيبته وتوسل بذلك يشفعه به وإن لم يكن حاضرا ولا شافعا ويكون ذلك المحبوب أو العظيم سببا للإجابة كما في الأدعية الصحيحة المأثورة " أسألك بكل اسم لك، وأسألك بأسمائك الحسنى، وأسألك بأنك أنت الله، وأعوذ برضاك من سخطك، ومعافاتك من عقوبتك، وبك منك ". وحديث الغار الذي فيه الدعاء بالأعمال الصالحة، وهو من الأحاديث الصحيحة المشهورة، فالمسؤول في هذه الدعوات كلها هو الله وحده لا شريك له، والمسؤول به مختلف، كذلك السؤال بالنبي صلى الله عليه وسلم ليس سؤالا للنبي، بل سؤال لله تعالى به صلى الله عليه وسلم، وتارة يكون المسؤول به أعلى من المسؤول كما في قوله " من سألكم بالله فأعطوه " فالمسؤول به هنا هو الباري سبحانه وتعالى، والمسؤول هو بعض البشر، وتارة يكون المسؤول أعلى من المسؤول به كما في سؤال الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم " فإنه لا شك أن للنبي صلى الله عليه وسلم قدرا عنده تعالى، فمن قال أسألك بالنبي صلى الله عليه وسلم فلا شك في جوازه وكذا إذا قال بحق محمد، والمراد بالحق الرتبة والمنزلة، والحق الذي جعله الله على الخلق، أو الحق الذي جعله الله بفضله له عليه كما في الحديث الصحيح الذي قال فيه " فما حق العباد على الله " وليس المراد بالحق الواجب فإنه لا يجب على الله تعالى شئ، ثم ذكر أحاديث الشفاعة والتجاء الناس إلى الأنبياء.
قال: وفي التجاء الناس إلى الأنبياء في ذلك اليوم أدل دليل على التوسل بهم في الدنيا والآخرة; وأن كل مذنب يتوسل إلى الله عز وجل بمن هو أقرب إليه منه وهذا لم ينكره أحد ولا فرق بين أن يسمى ذلك تشفعا أو توسلا أو استغاثة; وليس ذلك من باب تقرب المشركين إلى الله تعالى بعبادة غيره فإن ذلك كفر، والمسلمون إذا توسلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأنبياء والصالحين لم يعبدوهم ولا أخرجهم ذلك عن توحيدهم لله تعالى وأنه هو المنفرد بالنفع والضر، وإذا جاز ذلك جاز قول القائل: أسأل الله تعالى برسوله لأنه سائل لله تعالى لا لغيره انتهت.
وقد جمعت ذلك من أماكن متفرقة من كتاب الإمام السبكي [شفاء السقام: في زيارة خير الأنام عليه الصلاة والسلام]، وهو مشهور مطبوع من أراده فليراجعه. وقال السيد السمهودي في خلاصة الوفا: ولا فرق في ذلك بين التعبير بالتوسل أو الاستغاثة أو التوجه به صلى الله عليه وسلم في الحاجة، وقد يكون ذلك بمعنى طلب أن يدعو كما في حال الحياة، إذ هو غير ممتنع مع علمه بسؤال من يسأله صلى الله عليه وسلم ا ه‍، وتقدم مثله في كلام ابن حجر.
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»