شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٣٧
وصححه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " ولما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد صلى الله عليه وسلم إلا ما غفرت لي. قال الله يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟.
قال يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال له صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك، والمراد بحقه صلى الله عليه وسلم رتبته ومنزلته لديه تعالى، أو الحق الذي جعله الله سبحانه وتعالى له على الخلق، أو الحق الذي جعله الله تعالى بفضله له عليه كما في الحديث الصحيح " قال فما حق العباد على الله " لا الواجب; إذ لا يجب على الله تعالى شئ، ثم السؤال به صلى الله عليه وسلم ليس سؤالا له حتى يوجب اشتراكا، وإنما هو سؤال الله تعالى بمن له عنده قدر على ومرتبة رفيعة وجاه عظيم. فمن كرامته صلى الله عليه وسلم على ربه أن لا يخيب السائل به والمتوسل إليه بجاهه، ويكفي في هوان منكر ذلك حرمانه إياه. وفي حياته صلى الله عليه وسلم ما أخرجه النسائي والترمذي وصححه " أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادع الله لي أن يعافيني، فقال إن شئت دعوت وإن شئت صبرت وهو خير لك قال فادعه " وفي رواية " ليس لي قائد وقد شق على فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في قضاء حاجتي لتقضى لي اللهم شفعه في " وصححه أيضا البيهقي وزاد، " فقام وقد أبصر " وفي رواية " اللهم شفعة في، وشفعني في نفسي " وإنما علمه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولم يدع له لأنه أراد أن يحصل منه التوجه وبذل الافتقار والانكسار والاضطرار مستغيثا به صلى الله عليه وسلم ليحصل له كما مقصوده، وهذا المعنى حاصل في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم; ومن ثم استعمل السلف هذا الدعاء في حاجاتهم بعد موته صلى الله عليه وسلم، وقد علمه عثمان بن حنيف الصحابي راويه لمن كان له حاجة عند عثمان بن عفان زمن إمارته بعده صلى الله عليه وسلم وعسر عليه قضاؤها منه وفعله فقضاها، رواه الطبراني والبيهقي وروى الطبراني بسند جيد " أنه صلى الله عليه وسلم ذكر في دعائه بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي " ولا فرق بين ذكر التوسل والاستغاثة والتشفع والتوجه به صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأنبياء وكذا الأولياء، وذلك لأنه ورد جواز التوسل بالأعمال كما في حديث الغار الصحيح مع كونها أعراضا فالذوات الفاضلة أولى، ولأن عمر بن الخطاب
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»