شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٤١
فقد ظهر من هذا أن استغاثة المستغيثين به صلى الله عليه وسلم تجئ على معنيين:
أحدهما أن يسأل المستغيث الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بجاهه أو بحقه أو ببركته أن يقضي حاجته، فالمستغيث على هذا هو الذي يدعو الله تعالى ويجعل واسطة القبول عنده عز وجل نبيه الأعظم وحبيبه الأكرم صلى الله عليه وسلم. والمعنى الثاني أن يسأل المستغيث النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو الله تعالى وليسأله قضاء حاجته لأنه حي في قبره كما يسأله الناس الشفاعة يوم القيامة فيشفع لهم، وكما سأله الناس في حياته الدنيوية الدعاء بالاستسقاء وغيره فدعا لهم بالسقيا وغيرها فاستجاب الله له، وجميع الاستغاثات الواقعة في كتابي هذا لا تخلو عن هذين المعنيين، ورأيت في كتاب [جمع الأسرار: في منع الأشرار، عن الطعن في الصوفية الأخيار] لسيدي العارف بالله الشيخ عبد الغني النابلسي رضي الله عنه ما نصه:
وسئل العلامة الشهاب الرملي الشافعي رحمه الله تعالى عما يقع من العامة من قولهم عند الشدائد. يا شيخ فلان ونحو ذلك. فأجاب بأن الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام والأولياء والعلماء والصالحين جائزة. قال الشيخ عبد الغني. يقول مصنف هذه الرسالة يشير إليه. يعني جواز التوسل والاستغاثة قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة).
قال الشيخ الرملي. وللرسل والأنبياء إغاثة بعد موتهم، لأن معجزة الأنبياء وكرامة الأولياء لا تنقطع بعد موتهم. أما الأنبياء فإنهم أحياء في قبورهم يصلون ويحجون كما وردت به الأخبار، فتكون الإغاثة منهم معجزة لهم، والشهداء أيضا أحياء شوهدوا نهارا جهارا يقاتلون الكفار. وأما الأولياء فهي كرامة لهم انتهى كلام الرملي وقد ذكر الشيخ عبد الغني بعدها فتوى من العلامة الإمام الشيخ عبد الحي الشرنبلالي الحنفي من جملتها قوله رحمه الله تعالى: وأما التوسل بالأنبياء والأولياء فجائز، إذ لا يشك في مسلم أنه يعتقد في سيدي أحمد أو غيره من الأولياء أن له إيجاد شئ من قضاء مصلحة أو غيرها إلا بإرادة الله تعالى وقدرته، والمسلم متى أمكن حمل كلامه على معنى صحيح سالم من التكفير وجب المصير إليه ا ه‍ كلام الشرنبلالي، ثم نقل الشيخ عبد الغني رضي الله عنه فتوى الشيخ سليمان الشبرخيتي المالكي بذلك وأتبعها بفتوى الشمس الشوبري الشافعي التي قدمتها في أواخر الباب الأول من هذا الكتاب، وقال بعدها: وهذه صورة ما أجاب به الإمام الهمام الشيخ محمد الخليلي الشافعي، وذكر فتواه بطولها إلى أن قال الخليلي رحمه
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»