شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٥٣
الله، بل هم يعتقدون أنهم عبيد الله مخلوقون له ولا يعتقدون استحقاقهم العبادة ولا أنهم يخلقون شيئا ولا أنهم يملكون نفعا أو ضرا، وإنما قصدوا التبرك بهم لكونهم أحباء الله المقربين الذين اصطفاهم واجتباهم وببركتهم يرحم الله عباده، ولذلك شواهد كثيرة من الكتاب والسنة سنذكر لك كثيرا منها; فاعتقاد المسلمين أن الخالق النافع الضار هو الله وحده، ولا يعتقدون استحقاق العبادة إلا لله وحده، ولا يعتقدون التأثير لأحد سواه، وأما المشركون الذين نزلت فيهم الآيات السابق ذكرها، فكانوا يتخذون الأصنام آلهة والإله معناه المستحق للعبادة، فهم يعتقدون استحقاق الأصنام للعبادة; فاعتقادهم استحقاقها العبادة هو الذي أوقعهم في الشرك فلما أقيمت عليهم الحجة بأنها لا تملك نفعا ولا ضرا قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فكيف يجوز لمحمد بن عبد الوهاب وأتباعه أن يجعلوا المؤمنين الموحدين مثل أولئك المشركين الذين يعتقدون ألوهية الأصنام.
إذا علمت هذا تعلم أن جميع الآيات المتقدم ذكرها وما ماثلها من الآيات خاص بالكفار المشركين ولا يدخل فيها أحد من المؤمنين لأنه لا يعتقدون ألوهية غير الله تعالى ولا يعتقدون استحقاق العبادة لغيره، وقد تقدم حديث البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما في وصف الخوارج أنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فحملوها على المؤمنين فهذا الوصف صادق على ابن عبد الوهاب وأتباعه فيما صنعوه، ولو كان شئ مما صنعه المؤمنون من التوسل إشراكا ما كان يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وخلفها فإنهم جميعهم كانوا يتوسلون، فقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم:
" اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك " وهذا توسل صريح لا شك فيه، وكان يعلم هذا الدعاء أصحابه رضي الله عنهم ويأمرهم بالإتيان به. فقد روى ابن ماجة بإسناد صحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وأسألك بحق ممشاي هذا إليك فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك " وذكره الجلال السيوطي في الجامع الكبير، وذكره أيضا كثير من الأئمة في كتبهم عند ذكر الدعاء المسنون عند الخروج إلى الصلاة، بل قال بعضهم ما من أحد من السلف إلا وكان يدعو بهذا الدعاء عند خروجه
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»