شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٥٧
استقبال القبر، فنسبة الكراهة إلى الإمام مالك مردودة، واستسقى عمر رضي الله عنه في زمن خلافته بالعباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه لما اشتد القحط عام الرمادة فسقوا، وذلك مذكور في صحيح البخاري من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه وذلك من التوسل، بل في المواهب اللدنية للعلامة القسطلاني أن عمر رضي الله عنه لما استسقى بالعباس رضي الله عنه. قال: يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد فاقتدوا به في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله تعالى، ففيه التصريح بالتوسل.
وبهذا يبطل قول من منع التوسل مطلقا سواء كان بالأحياء أو بالأموات، وقول من منع ذلك بغير النبي صلى الله عليه وسلم، لأن فعل عمر رضي الله عنه حجة لقوله صلى الله عليه وسلم " إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه " رواه الإمام أحمد وغيره عن ابن عمر وغيره، وروى الطبراني في الكبير وابن عدي في الكامل عن الفضل بن العباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " عمر معي وأنا مع عمر والحق بعدي مع عمر حيث كان "، وهذا مثل ما صح في حق علي رضي الله عنه حيث قال صلى الله عليه وسلم في حقه " وأدر الحق معه حيث دار " وهو حديث صحيح رواه كثير من أصحاب السنن، فكل من عمر وعلي رضي الله عنهما يكون الحق معه حيث كان، وهذان الحديثان من جملة الأدلة التي استدل بها أهل السنة على صحة خلافة الخلفاء الأربعة، لأن عليا رضي الله عنه كان مع الخلفاء الثلاثة قبله لم ينازعهم في الخلافة، فلما جاءت الخلافة له ونازعه غيره قاتله، ومن الأدلة الدالة على أن توسل عمر رضي الله عنه بالعباس رضي الله عنه حجة على جواز التوسل قوله صلى الله عليه وسلم " لو كان بعدي نبي لكان عمر " رواه الإمام أحمد وغيره عن عقبة بن عامر وغيره.
وروى الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر فإنهما حبل الله الممدود من تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها "، وإنما استسقى عمر رضي الله عنه بالعباس ولم يستسق بالنبي صلى الله عليه وسلم ليبين للناس أن الاستسقاء بغير النبي صلى الله عليه وسلم جائز ومشروع لا حرج فيه، لأن الاستسقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان معلوما عندهم فلربما يتوهم بعض الناس أنه لا يجوز الاستسقاء بغير النبي صلى الله عليه وسلم فبين لهم عمر رضي الله عنه الجواز، ولو استسقى بالنبي صلى الله عليه وسلم لأفهم أنه لا يجوز الاستسقاء
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»