شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٥٦
جائز، وهو من باب التوسل والتشفع والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم، وذلك من أعظم القربات، وقد توسل به صلى الله عليه وسلم أبوه آدم قبل وجود سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها. قال بعض المفسرون في قوله تعالى (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) إن الكلمات هي توسله بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وروى البيهقي بإسناد صحيح في كتابه [دلائل النبوة] الذي قال فيه الحافظ الذهبي عليك به فإنه كله هدى ونور. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي فقال الله تعالى يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟ قال: يا رب إنك لما خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليه فقال الله تعالى صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك "، ورواه أيضا الحاكم وصححه والطبراني، وزاد فيه " وهو آخر الأنبياء من ذريتك ".
وإلى هذا التوسل أشار الإمام مالك رحمه الله تعالى للخليفة الثاني من بني العباس، وهو المنصور جد الخلفاء العباسيين. وذلك أنه لما حج المنصور المذكور وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم سأل الإمام مالكا وهو بالمسجد النبوي، وقال له يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى، بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله فيك. قال تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) ذكره القاضي عياض في الشفاء وساقه بإسناد صحيح، وذكره الإمام السبكي في [شفاء السقام في زيارة خير الأنام] والسيد السمهودي في [خلاصة الوفا] والعلامة القسطلاني في [المواهب اللدنية]، والعلامة ابن حجر في [تحفة الزوار، والجوهر المنظم] وذكره كثير من أرباب المناسك في آداب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم. قال العلامة ابن حجر في [الجوهر المنظم] رواية ذلك عن الإمام مالك جاءت بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه، وقال العلامة الزرقاني في [شرح المواهب] ورواها ابن فهد بإسناد جيد، ورواها القاضي عياض في الشفاء بإسناد صحيح رجاله ثقات ليس في إسنادها وضاع ولا كذاب ومراده بذلك الرد على من لم يصدق رواية ذلك عن الإمام مالك، ونسب له كراهية
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»