رسالتان حول العصمة - الشيخ الصافي - الصفحة ١٠٢
هذا مضافا إلى أن القول: بأنهم ما فوق الإنسان إن أريد به رفعهم إلى مرتبة الملائكة، وإثبات هويتهم لهم فليس هذا رفعا لهم من مرتبتهم إن لم يكن إثباتا لقصر لهم إذ الأنبياء والأئمة أفضل من الملائكة لأن عصمتهم عن المعاصي ليس معناها عدم تمكنهم منها أو نفي ما كان يمكن أن يكون داعيا لهم، وكم فرق بين من لا يتحقق له الداعي إلى الأكل لعدم إمكان ذلك له فلا يسند إليه ترك الأكل حقيقة وإن أسند إليه فلا يكون إلا مجازا كقول القائل إن الحجر لا يأكل فامتناعه عن الأكل ليس عن عمد واختيار بل لا يصح أن يسند إليه الامتناع عن ترك الأكل وبين من يمتنع عنه بالاختيار ويسند إليه كسائر أفعاله وتروكه الاختيارية ولأجل هذا يقول المحقق الطوسي قدس سره القدوسي في أفضلية الأنبياء على الملائكة:
والأنبياء أفضل لوجود المضار.
وأما قوله تعالى: قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي (1).
وقوله تعالى: قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا (2).
فليس مفادهما أن إثبات صفات الملائكة لهم غلو ورفع عن درجة الإنسان إلى درجة أعلى بل المراد نفي الغلو بإثبات صفات الله المختصة لهم، وإثبات الاستقلال لهم في عرض إرادة الله ومشيته فهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. ليس لهم الإتيان بأية إلا بإذن الله تعالى، فمثل النبي الخاتم صلى الله عليه وآله الذي:
.

(١) سورة الكهف ١١٠ (2) الإسراء 93.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست