التعليقة على الفوائد الرضوية - القاضي سعيد القمي - الصفحة ١٤٩
المطلب الأول معنى قوله عليه السلام بينا أنت أنت صرنا نحن نحن اعلم أن الغرض من قوله عليه السلام: " بينا أنت أنت صرنا نحن نحن " بعد ما تذكرت من تحقيق معنى هذا التركيب هو أن الذات الأحدية كان حيث لا جهة فيه ولا جهة، ولا حيث ولا حيث، ولا اسم ولا رشم، ولا نعت ولا وصف، ولا حمل ولا وضع، ولا إشارة ولا عبارة، بل كان هو من دون أن يقال: هو هو بالتكرير، وهي المرتبة اللائقة بالأحدية الحقة الصرفة، تعالى كبرياء ذاته عن وصمة الكثرة حتى من اعتبار الجهة والحيثية، بل قاطبة تلك الكثرات الأسمائية والصفاتية فإنها بعد الذات بمراتب، ويتباعد عنها تباعد الأرض والسماوات بسياسب.
وبالجملة: لما كان في مرتبة الأحدية هكذا وكانت ذاته ذاتا لا علامة، نظر سبحانه إلى نفسه ورأى ذاته بأنه هو، انبجست منه الأشياء كلها وتسبب وجود الحقائق بقضها وقضيضها، وتصيرت الذوات كبيرها وصغيرها، وتذوتت الماهيات عظيمها وحقيرها دفعة سرمدية خارجة عن الكيفية والحيثية متعالية عن الفكرة والروية، مقدسة عن أن يشذ منها شئ صغيرا كان أو كبيرا أو يعزب عنها مثقال ذرة في الأرض والسماء، وهذا هو معنى
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 143 144 145 147 149 150 151 153 154 155 ... » »»
الفهرست