التعليقة على الفوائد الرضوية - القاضي سعيد القمي - الصفحة ١٤٤
أما وجه عرشية الجسم فلكونه مظهر الجواهر العقلية، والعرش هو العقل في الحقيقة، وأيضا من المقرر أن العرش على الماء (1) والهيولى أشبه شئ بأن يعبر عنها بالماء حيث تكون قابلة لجميع الصور والأشكال، ومن ذلك يظهر أيضا كون الصورة مظهر اسم الرحمن، وقد قال: * (الرحمن على العرش استوى) * (2) ومنه يتصحح أيضا (أن الله سبحانه لما خلق العرش حمله على كواهل أملاك أربعة، فلم يستقر قرارا وعجزوا عن حمله بدارا، حتى استقر بقول: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله) (3).
أما عدم قراره فمن حيث استلزامه للسيلان والتغيير الذاتي، وأما قراره بالكلمتين فلدلالتهما على ثبات الله وقيوميته لكل شئ وأنه الممسك السماوات والأرض.
وبالجملة: هذا الجسم المتكمم مطلع التقدير الإلهي على العالم الكوني، وعبر عنه في الأخبار بالبحر العميق والطريق المظلم (4).
أما البحر العميق فلكونه في المادة التي هي البحر الأعظم، والتيار المحيط بالعالم، والبحر المكنون من أعين أهل الحس الذي ورد أنه فوق السماوات (5).
وأما الطريق المظلم فلكونه في عالم الغواشي والغواسق الجرمانية، ومطمورة الطبائع الجسمانية.
وأما سر كونه قابلا للزيادة والنقصان فقد قال معلم الحكمة في

١ - هود: ٧.
٢ - طه: ٥.
٣ - انظر تفسير نور الثقلين ٣: ٣٦٨ / ١٤، تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ١٤٦ / ٧٤، بحار الأنوار ٥٥:
١٩
/ ٢٦ و ٣٣ / ٥٣.
٤ - انظر نهج البلاغة: باب الحكم رقم ٢٨٨، بحار الأنوار ٥: ٩٧ / ٢٢.
٥ - اقتباس من رواية أصول الكافي ٢: ٤١٧ / 1.
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 143 144 145 147 149 150 151 ... » »»
الفهرست