التعليقة على الفوائد الرضوية - القاضي سعيد القمي - الصفحة ١٠١
إيقاظ:
وأما سر التعبير عن العقل بالواحد وعن النفس بالمتوحد، فهو أن العقل واحد وحدة حقيقة جمعية ذاتية، لأنه صدر عن الواحد الحق المحض بالوحدة الغير العددية التي هي مبدأ الوحدة العددية بأقسامها، ومن البين في المقامات البرهانية أن لا خصوصية لشئ دون شئ في الصدور عن الحق تعالى شأنه، وإلا لزم أن يكون فيه سبحانه جهة وجهة وحيث وحيث، وقد ثبت أيضا بالقواطع البرهانية أن ليس فيه جهة وجهة ولا حيث وحيث من جميع الجهات من دون تكثر جهة ولا تعدد اعتبار، وأنه لا يختلف نسبته عز شأنه بالقرب والبعد عن الأشياء، وأن ذلك من المقرر عند العقلاء (1) والمتظافر في أخبار الأنبياء والأولياء، حيث هي ناصة بأن نسبته تعالى في القرب والبعد سواء لم يقرب منه قريب ولم يبعد منه بعيد إلى غير ذلك (2) كما لا يخفى على المتتبع للآثار والأخبار.
ثم إنه مما قد فرغ عنه في الحكمة المتعالية أن الواحد لا يصدر عنه من جهة واحدة إلا الواحد (3) بل ذلك عند النظر العرفاني بديهي عاضده الكلم الفرقاني، قال تعالى: * (وما أمرنا إلا واحدة) * (4) وفي الأخبار ما يكاد يتواتر بالمعنى أن الله جل مجده خلق أولا أمرا واحدا، أي شئ كان على اختلاف التعبيرات، ثم خلق منه الأشياء (5) وذلك كالصريح فيما ادعيناه.
ثم من المستبين أيضا أنه ليس شئ حريا بالصدور عنه تعالى إلا العقل،

١ - الأسفار ٦: ١٠٣ و ١٤٠ و ١٤٢.
٢ - أصول الكافي ١: ٩٧ / ١ و ٩٩ / ٨.
٣ - الأسفار ٧: ٢٠٤.
٤ - القمر: ٥٠.
٥ - أصول الكافي ١: ١١٠ / 4، التوحيد للصدوق: 66 - 67 / 20 و 339 / 8.
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست